هذه الغشاوات الحائلة بينهم وبين درك الحقيقة : حقيقة الحياة ، وحقيقة الموت.
(كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) :
(عِلْمَ الْيَقِينِ) : من إضافة الموصوف إلى الصفة ، أي : يقين العلم ، العلم الذي يطمئن الإنسان ويخرجه عن زلزال العقيدة وشكوكها ، وهو أولى مراتب اليقين ، ثم عين اليقين ، ثم حق اليقين.
وأصل اليقين هو سكون الفهم مع ثبات الحكم وهو خلاف الظن ، فلو أن المتكاثرين الملتهين علموا الحقيقة علم اليقين ، لكانوا يرون الجحيم في علمهم ، رؤية علمية دون ارتياب ، فكانوا إذ ذاك يرونهم في الجحيم ، ويرون آمالهم وأعمالهم وأموالهم وأصحاب القبور الذين تكاثروا وتفاخروا بهم ، كانوا يرونهم كلهم في الجحيم.
هذا لو كانت الرؤية صادقة بما علموا ولم يعملوا ، ولو علموا علم اليقين وعملوا ، لكانوا يرون أنفسهم في الجنة ، ويرون من تفاخروا بهم في الجحيم.
(لَوْ تَعْلَمُونَ) : محال أن تعلموا : استحالة بالاختيار ، دون تسيير وإجبار ، وإذ لم تعلموا يوم الدنيا فسوف تعلمون بعده.
(ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) :
إذ دخلتموها ووجدتم أنفسكم في يقين الجحيم نفسه ، فقد كان لكم أن تروها علم اليقين لكي تتحرزوا عنها فلا ترونها عين اليقين.
(ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) :
النعيم الذي تجاهلتموه حتى وردتم موردكم في الجحيم ، فترك النعيم جحيم أينما كان ، ولا سيما النعيم الذي يهم الإنسان في شريعة الله.