إنه النعيم الذي أخلدكم التحلل والتغافل عنه في التكاثر : من نعيم العقل الذي عقلتموه وحبستموه في أسر الشهوات ، ونعيم الحياة التي أخلدتموها فى الحيونات : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) (٤٦ : ٢٠).
ومن نعيم النبيين ، فنعمة الرسالة هي أهم النعم التي يسأل عنها : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (٥ : ١٠٩).
فهذه الثلاث هي أصول النعم الروحانية التي يسأل عنها.
(ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ) سؤال تقريع وتبكيت (يَوْمَئِذٍ) يوم إذ رأيتم الجحيم عين اليقين : (عَنِ النَّعِيمِ) لماذا ضيعتموه؟
هذه هي النعم التي يسأل عنها وكما رواتها الأئمة من أهل بيت الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، دون النعم المادية ، وكما قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : ثلاث لا يحاسب بهن العبد : «ظل خص يستظل به ، وكسر يشد بها صلبه ، وثوب يواري به عورته» (١).
__________________
(١) الدر المنثور ج ٦ ص ٣٩١ ، وهذه الرواية هي الوحيدة في الدر المنثور ، ويعارضها عديد من الروايات فيه ، تعزي إليه (ص) أن النعيم هو الكسر والظل والنعل ، دون أن تذكر أو تشير إلى النعم الأصيلة للإنسان ، التي يرويها أئمة أهل البيت عن الرسول الأقدس (ص) وكما نرى أن القرآن لا يمن على المؤمنين إلا بنعمة الرسالة وأمثالها.