آخرين ، إنها على كل المسلمين متقابلة ، كل يوصي أخاه بالحق والصبر ، ولكي يصبح المجتمع الإسلامي مجتمع التواصي بكل حق صالح ، وبكل صبر صالح ، كل حسب إمكانيته ، وعلى حد قول الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم : «ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته».
(وَتَواصَوْا) كل يوصي غيره كما يوصيه غيره ، بالحق والصبر ، وكل يقبل الوصية من غيره كما يرجو القبول من غيره ، ولكي يخلقوا جوا طاهرا نزيها عن كافة التخلفات والرذالات.
والتواصي ـ أيا كان ـ بصورة جماعية مرهبة ناصحة ناصعة ، تفرض الحق ، كلما كان تاركوا الحق والصبر أقوى وأطغى ، فليكن الموصّون بها أكثر كفاحا وأقوى.
والتواصي يشمل تعليم الشريعة وتعلّمها ، والأمر بتطبيقها : تعليم الجاهل وحمل العارف.
«بالحق» * : أشمل تعبير يعم كل خير صالح دون استثناء ، ومن بالغ اهتمام القرآن بدراسة الحق وتطبيقه ، نجده يذكره (٢٥٣) مرة في مختلف المجالات والمناسبات ، والحق هو الثابت ، فهو : الله تعالى وتوحيده وعبادته ، وهو : أنبياؤه ورسله ، وهو : كتبه ومواعيده ، وهو : أحكامه وشرائعه ، وهو : القيامة الكبرى ، وهو : كلما يتوجب الإعتقاد به ودرسه وتطبيقه ونشره ، أو ما هو مندوب له.
هذا ـ وكما القرآن يشهد : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ) ، وأفعاله حق : (.. ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ) ، والقيامة : «ويستنبؤوك أحق هو قل أي وربي إنه لحق».
والتواصي بالحق يعم التواصي بدراسة الحق واعتناقه وتطبيقه وتأسيس حكم الحق والدولة الحقة الإلهية لتضمين كلما يحق للحق.