إن التواصي بالحق ضرورة ، حيث النهوض بالحق عسير ، ومعارضوه كثير ، والمعوقات عنه كثيرة ، هوى النفس ، منطق المصلحة ، تصورات البيئة ، طغيان الطغاة.
وجوّ التواصي يطمئن الموصين أن معهم غيرهم مهما كثر الطغاة ، فهم يتضاعفون قوة ويأملون النجاح في المعركة.
(وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) .. إن الصبر هو زاد الطريق في دعوة الحق ، فإنه طريق شاق طويل ، حافل بالعقبات والأشواك ، مفروش بالدماء والأشلاء ، بالإيذاء والابتلاء.
إن سلوك هذه السبيل يتطلب الصبر والتصابر ، الصبر على أمور كثيرة : على شهوات النفس ورغائبها ، وأطماعها ومطامحها ، وضعفها ونقصها ، وعجلتها وملالها من قريب.
والصبر على شهوات الناس ونقصهم وضعفهم وجهلهم وسوء تصورهم وتصرفهم ، وانحراف طبائعهم وأثرتهم وغرورهم والتوائهم واستعجالهم للثمار.
والصبر على تنفّج الباطل ، ووقاحة الطغيان ، وانتفاش الشر ، وغلبة الشهوة ، وتصعير الغرور والخيلاء.
والصبر على قلة الناصر وضعف المعين ، وطول الطريق وغور المعين ، ووساوس الشياطين في ساعات الكرب والضيق.
والصبر على مرارة الجهاد لهذا كله ، وما تثيره في النفس من انفعالات متنوعة : من الألم والغيظ ، والحنق والضيق ، وضعف الثقة ـ أحيانا ـ في الخير ، وقلة الرجاء ـ أحيانا ـ في الفطرة البشرية ، والملل والسأم واليأس والقنوط.
والصبر بعد ذلك كله على ضبط النفس في ساعة القدرة والإنتصار والغلبة ، واستقبال الرخاء في تواضع وشكر .. والبقاء في السراء والضراء ، على صلة