العقرب (١) والأفعى ـ وشر من الأفعى ، إذ إن الأفعى تقتل الإنسان في الجسد ، ولكن أفعى الهمزة واللمزة تقتل الأرواح وتخلق جو اللااطمئنان ، جوا قذرا مزريا كأنه جوّ الجحيم ، فهو الويل يوم الدنيا وهو الويل يوم الدين.
إنها صورة لئيمة من الأم صور الحياة ، والقرآن يكره هذه الصورة الهابطة بحكم ترفعه الأخلاقي ، وينهى عن الهمز واللمز في مواضع شتى ، إلا أن ذكرها هنا بهذا التشنيع والتقبيح والتهديد ، علّه يوحي بأنه كان يواجه حالة واقعية خطرة من بعض المشركين وجاه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ووجاه المؤمنين ، فجاء الرد عليها في صورة الردع الشديد ، والتهديد الرعيب .. إلا أنه يعمم المورد وسواه : «لكل» * : ويل للكلّ ـ طول التاريخ وعرضه ـ كلّ حسب همزه ولمزه.
.. فويلهم في دنياهم ، وويلهم في عقباهم ، إذ يعلقون في النار ، الويل ، وعلى حدّ تعبير الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم (٢).
وقد ذكر الله الهمازين أنهم الآكلون لحوم إخوانهم : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) (٤٩ : ١٢)(٣).
وذكر اللمازين بقوله : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ) (٤٩ : ١١).
__________________
(١) نور الثقلين : ج ٥ ص ٦٦٧ ح ٣ ، في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده عليهم السّلام قال : المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر ـ إلى أن قال ـ وأما العقرب فكان رجلا همازا لمازا فمسخه الله عقربا ، وفيه بالإسناد عن رسول الله (ص): وأما العقرب فكان رجلا لداغا لا يسلم من لسانه.
(٢) الدر المنثور عن النبي (ص) في حديث المعراج .. ثم مررت على نساء ورجال معلقين بثديهن فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء الهمازون والهمازات ، ذلك بأن الله قال : ويل لكل همزة لمزة(ج ٦ ص ٣٩٢).
(٣) وكما عن الرسول (ص): رأيت ليلة الاسراء قوما يقطع اللحم من جنوبهم ثم يلقمونه ويقال : كلوا ما كنتم تأكلون من لحم أخيكم ، فقلت : يا جبرائيل من هؤلاء ، فقال : الهمازون من أمتك اللمازون (نور الثقلين ج ٥ ص ٦٦٧ ح ٥) عن عوالي الآلي.