وندد بالهمازين اللمازين أشد تنديد ، لأنهما يخربان الديار ولا يأتيان إلا بكل عار ودمار.
(الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ) :
ذلك كيانه في روحه الخبيثة : أنه همزة لمزة ، وهذا كيانه في سواها : هدفه تجميع المال وعدّه ، كأنه الذي يجمع شمله ويعدّه في عداد بني الإنسان ، ويخلده فيما يهواه! فهو يلمز المؤمنين ويهمزهم إذ لم يجمعوا مالا ، ويعيبهم وينقصهم كأنما المال هو الإنسان ، أو أنه حياة الإنسان كإنسان ، أو أنه يحييه خالدا إلى الأرض ما دامت : (.. وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (٧ : ١٧٦) ف (يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) (٢٥ : ٦٩) : مهانا هناك كما أهان المؤمنين هنا ، جزاء وفاقا.
(جَمَعَ مالاً)(١) : منكرا دون تعريف : «مالا» * لا «المال» * فمن المال ما هو معروف ومنه ما هو غير معروف ، فالذي يحصله ليصرف في حاجيات الإنسان ، تحصيلا وصرفا مشروعين ، فهو «المال» * معروف عند إنسان المعرفة والحقيقة ، ولأنه ذريعة الآخرة.
وأما الذي يشذ عن شريعة الله تحصيلا وصرفا ، فهو «مال» * منكّر ومنكر لا يعتنى به ولا يعبأ ، وليست مذمة المال ذاتية ، إنما هي إذا كان المال وبالا يخلّف ويلات ، في دنيا الحياة وعقباها.
__________________
(١) نور الثقلين ج ٥ ص ٦٦٨ ج ٧ في كتاب الخصال عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : سمعت الرضا (ع) يقول : لا يجتمع المال إلا بخمس خصال : بخل شديد ، وأمل طويل ، وحرص غالب ، وقطيعة رحم ، وإيثار الدنيا على الآخرة.
وفيه عن كتاب التوحيد عن الصادق (ع) إنه قال : إن كان الحسنات حقا فالجمع لماذا؟ وإن كان الخلف من الله عز وجل حقا فالبخل لماذا؟.