«وعدده» : ثم وبال فوق وبال ، على من يحسب الوسيلة غاية والذريعة نهاية ، فالمال ليس إلا وسيلة من وسائل الحياة ، فإذا ادّخر وضخّم وعدّد ، أصبح وبالا فوق الوبال ، إذا حصّل من غير الحلال ، ثم لم ويصرف في سبيل الحلال ، ثم جمّد على عيون الفقراء العزّل الذين امتصت دماؤهم في سبيل تحصيل هذه الأموال ، أو أنفق في غير حلّه.
(يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) :
ماله أخلده ، أو ، ماله (١) : يحسب أن كيانه الإنساني الشاذ الشارد عن صراط الحياة ، يحسب أن ذلك أخلده ، رغم أن لا خلود في دنيا الحياة ، ولا ينكره حتى الحيوان ، إلا أن السبيل التي اتخذها في الحياة ، إنها هي سبيل من يزعم الخلود ، فهو يتذرع بماله وماله إلى هذا الخلود المزعوم ، ولو كان في الدنيا خلود ، لم تكن له حيلة تزيد عما يحتال ، فبحساب ما يعمل نعتبره : يحسب أن ماله أخلده! ولكنه :
«كلا» * : ليس كما يزعمه في أقوال وأفعال وأحوال ، في مال وفي منال ، ليست هذه بالتي تخلده في دنيا الحياة ، وإنما تخلده في عقباها : (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) :
(كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) :
تهديد شديد يصوّر صورة مشهد من مشاهد القيامة ، صورة طبق الأصل ،
__________________
(١) «ماله» * «ما» * هنا إما جزء الكلمة المفردة «مال» * أو موصول ، صلته «له» * ، والثاني أعم وهو أتم ، إذ يشمل المال والحال وكل ما للإنسان من طاقات الحياة ، ذكر منها المال المعدد لأنه أهم ما يهمه الإنسان الحيوان.