ثم يختم ذكرى هذا المشهد الرهيب بميّزة أخرى للحطمة :
(إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ. فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) :
مؤصدة : مطبقة لا مخرج لهم منها ولا منجى ، سجن دائب كما كانوا سجونا للمؤمنين يوم الدنيا.
(فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) : في أسطوانات طويلة جدا ، وعلّها أيضا من جنس النار ، أو من الأشعة غير المرئية التي تستهزئ بالمحطّين : «كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها» .. وقد يشهد بذلك العلم :
أشعة رونتجن
لقد ثارت مناقشة في الصحف الصادرة عام ١٩٢٥ حول هذه الأشعة ، وذلك أن أحد الأطباء قال : إن أشعة «رونتجن» ـ التي هي ذات عمل جبار في النوع الإنساني ـ ترى في إشراقها كالأعمدة ، فقال بعضهم : لعل الآية : (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) تشير إلى هذه الأشعة ، وخالفهم آخرون ، وأخيرا انتصر الأولون.
إن أشعة رونتجن هي كالعمد ، يرى بها الأطباء ما خفي في الجسم ، فيعرفون بواطنه ، وعلها ـ هي أو مثلها ـ سوف تكون عمدا ممددة ، وإن كانت الحطمة غير معروفة عندنا : (وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ) ولم يقل : «وما أدراك ما العمد الممددة».
علّ هذه الأشعة هي العمد الممددة ، تمدد في أعماق الأجسام إلى الأفئدة فتزجها في سجن الحطمة ، فلا تسمح لها بالخروج.