أفبالإمكان أن نؤوّل قاذفات الطير الأبابيل : أنها كانت من صدف التاريخ ، أو من اصطناعات إنسان التاريخ ، وكما يتقوله الجاهلون : إن الكون أجمع نتيجة الصدف؟ ..
لا ننكر أن الله تعالى لم يكتب على نفسه مواصلة هذه الخارقات ، المنفصلة عن إثبات النبوات ، إلا أن أمثال هذه من الشقشقات قد تظهر لكي لا تهدر آيات الله البينات سدى ، ولتكون حجة الله هي البالغة وكلمة الله هي العليا ، وكلمة الذين كفروا هي السفلى.
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) :
«ربك» * الذي اختصك بكرامة منقطعة النظير ، بما أنك «أول النبيين ميثاقا وآخرهم مبعثا» كذلك يختص أول بيت وضع للناس ، برحمته ووقايته الخاصة ، وإنك أشرف من البيت وممن بات فيه متعبدا لربك أو يبيت ، فإذ يحفظ ربك هذا البيت عن أصحاب الفيل ، فبأن يحفظك عن كل كيد وتضليل أولى وأحرى!.
(بِأَصْحابِ الْفِيلِ) وما أصحاب الفيل؟ .. لا يذكر هنا أسماءهم ولا اسم قائدهم في هذه المعركة الكافرة ، مهانة له ولهم : إنهم لم تكن لهم مكانة تتطلب ذكرهم بأسمائهم ، إلا أنهم أصحاب الفيل ، معتمدين في عملتهم الوحشية اللاإنسانية على قوة الفيل.
لقد كان للفيل على أصحابه شرف عظيم من ناحيتين :
١ ـ القوة الخارقة ، وقد كانت للحرب قديما ويحمل على ظهره من ثلاثة آلاف رطل إلى أربعة آلاف ، وعلى خرطومه وحده ألف رطل ، ويجر ما لا يكاد يقله ستة أفراس ، ويسير في اليوم مائة ميل.