هو في مكة ، ذلك ، وليدفعوه عن بيتهم الذي بنوه للّات ، وبعثوا معه من يدله على الكعبة المشرفة.
.. وإلى أن وصل إلى مشارف مكة المكرمة ، بركت الفيلة دون مكة لا تدخلها ، رغم حملهم لها على اقتحامها .. ثم كان ما كان من قذائف الطير الأبابيل. ترميهم بحجارة من سجيل. فجعلهم كعصف مأكول (١).
ثم نقف هنا وقفة الحائرين من موقف جد النبي الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم عبد المطلب ، إذ يسرق إبله أصحاب الفيل فيقصد صاحب الحبشة يطلب إبله ، دون التماس منه أن ينصرف من هدم البيت ، ويجيب عن سؤاله : هذا رئيس قوم وزعيمهم ، جئت إلى بيته الذي يعبده لأهدمه وهو يسألني اطلاق إبله؟ أما لو سألني الإمساك عن هدمه لفعلت!
يجيبه : «أنا رب الإبل ولهذا البيت رب يمنعه» (٢) «لست برب البيت الذي قصدت لهدمه وأنا رب سرحي الذي أخذه أصحابك ، فجئت أسألك فيما أنا ربه وللبيت رب هو أمنع له من الخلق كلهم وأولى به منهم» (٣).
فيا لهذه المنعة الطيبة من حياد على ثبات واستقرار وطمأنينة من حفاظ رب البيت على بيته العتيق.
وكما نراه «يجمع أهل مكة يدعو فأرسل الله طيرا أبابيل» (٤).
__________________
(١) هذه نماذج مما أجمعت عليه روايات القصة ، رفضا لما اختلفت فيها.
(٢) نور الثقلين ج ٥ ص ٦٧٠ ح ٩ في أصول الكافي.
(٣) نور الثقلين ٥ : ٦٧٢ عن أمالي الطوسي عن الصادق (ع) عن أبيه عن جده (ع) في حديث طويل.
(٤) قرب الاسناد بإسناده إلى موسى بن جعفر (ع).