فيا لجدّ الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم من موقف مشرّف حيال هذا التصميم الكافر من أصحاب الفيل ، ويا لمولد الرسول الألمعي صلّى الله عليه وآله وسلّم من كرامة يحافظ به الله تعالى على كرامة البيت ، إذ ولد في عام الفيل (١).
(أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) :
يعبر عن عزمهم القاطع بالكيد ، إذ كان القصد من هدم الكعبة وبناء كعبة مزورة ، صرف الناس عن بيت الله إلى بيت اللهو ، وهذان الكيدان أصبحا في تضليل ، إذ لم يصلوا إلى بغيتهم في كيدهم : لا إيجابا : في بناء كعبة حبشية ، إذ لم يستجب لهم العرب ـ ولا سلبيا : في هدم الكعبة المكرمة ، إذ ضلت أجسادهم الجهنمية تحت التراب بعد إذ قذفت بقاذفات السماء ، بدل أن تظل مع أرواحهم ناجحة في كيدهم ، رابحة في ميدهم ، فأصبحوا من الأخسرين أعمالا ، فضلّت أجسادهم في هذه الحرب الكافرة ، كما ضلت أرواحهم.
(وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ) :
هذا آخر المطاف وأضله في تضليلهم ، فقد سخر الله منهم وأهانهم في تضليلهم هذا مرتين : إذ أرسل عليهم جنودا صغارا : (طَيْراً أَبابِيلَ) مع أسلحة صغار ، صغار على صغار ، تسحق الكبار الكبار : إذ تدمّر أصحاب الفيل ، وتجعل كيدهم في تضليل ، أجل أصحاب الفيل لا الفيل ، إذ لم يقدم الفيل على ما قدموا ، فقد نجا الفيل وضلّوا.
ومرة ثانية إهلاكهم عن آخرهم ، إذ ضل كيدهم معهم ، وأصبحت قصة
__________________
(١) كما أجمع عليه الرواة كما في الدر المنثور ٦ : ٣٩٦ : أخرج البيهقي عن محمد بن جبير ابن مطعم قال : ولد رسول الله (ص) عام الفيل ، وكانت عكاظ بعد الفيل بخمس عشرة سنة ، وبني البيت على رأس خمس وعشرين سنة من الفيل ، وتنبأ رسول الله (ص) على رأس أربعين من الفيل.