المطاف في التبشير والإنذار المحمدي : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها).
فالواجب الإلهي والواجب الطبيعي في كل رسالة إلهية هو البداية بالأقربين ، ولأن إيمانهم يهيئ الجو لإيمان الآخرين.
فلو ترك الرسول إنذار قومه في البدء ، ولو كذبوه وأنكروه ، لأصبح هذا التكذيب والنكران برهانا لغيرهم من الناكرين : أن لو كان حقا ما كذبوه وهم أعرف الناس به!
إذا ننتقل من إيلاف قريش إلى إيلاف الناس أجمعين ، الذين يصدقون بهذا الدين ، فهنا دافع للإيلاف وهو عبادة رب هذا البيت ، أن يجتمع الناس أجمعون على عبادة الله الواحد القهار ، وبهذا يتحقق الائتلاف لانتظامهم في اتجاه واحد في الحياة.
وهنا سبب يهيئ الائتلاف وهو الحفاظ على كرامة البيت العتيق ، فلو أن أصحاب الفيل لم يمنعوا دون مسهم من حرمة البيت ، لانهار حرم الموحدين في البداءة ، وانهار رجاؤهم طول الحياة.
ليعبد رب هذا البيت لأنه الرب ، ولأنه أطعمهم من جوع قاتل ومن خوف قاتل ، وعلى حد تعبير الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم : «نعمتان مجهولتان ، الصحة والأمان».
إن الخوف كان شاملا لحياتهم في كافة مجالاتها ، السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية والعقيدية والنفسية ، كانوا يعيشون الخوف ، وكانوا أمواتا في حياتهم ، فأحياهم الله بالقرآن ، وآمنهم من كل المخاوف لو طبقوا شريعة الله.