(قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) :
الكافرون الذين لا يؤمنون ، ولا يرجى منهم أن ينسلكوا في سلك المؤمنين ، بل هم يريدون من المؤمنين مسايرتهم ، علهم يخرجونهم عن الإيمان كأمثالهم ، ولذلك يستحقون هكذا خطاب قارع ، يقرع أسماعهم وقلوبهم المقلوبة علهم ينتهون.
.. يلقى الوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب وأمية خلف ، يلقون رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قائلين : يا محمد! هلمّ فلتعبد ما نعبد ، ونعبد ما تعبد ، ولنشترك نحن وأنت في أمرنا كله ، فإن كان الذي نحن عليه أصح من الذي أنت عليه ، كنت قد أخذت منه حظا ، وإن كان الذي أنت عليه أصح من الذي نحن عليه ، كنا قد أخذنا منه حظا ، فأنزل الله هذه السورة.
وفي رواية أخرى : أن قريشا قالت لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، وتعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فأجابهم الله بمثل ما قالوا : فقال فيما قالوا : تعبد آلهتنا سنة : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) ، وفيما قالوا : نعبد إلهك سنة : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) ، وفيما قالوا : تعبد آلهتنا سنة : (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) ، وفيما قالوا : نعبد إلهك سنة : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ).
نستوحي من الروايتين أنه كان هناك اقتراحان : الإشراك المتصل والمنفصل ، فالثاني أن يشرك النبي بالله منفصلا : يعبد أوثانهم سنة ويعبد ربه سنة أخرى ، مقدما لأربابهم على ربّه! يوحّد كلا بالعبودية منفصلا عن الآخر ، ويردّ هذا الاقتراح بالآيتين الأوليين (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) ولا لآن ، فكيف بسنة (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) لآن فكيف بسنة ، فما أنتم بتاركي آلهتكم وإن أنتم إلا كاذبون تمكروننا من ناحيتين :