١ ـ أن نبتدئ بعبادة آلهتكم وأنتم على حالكم.
٢ ـ أن تخالفوا وعدكم فتتركوا بعبادة إلهي في السنة الثانية.
وفي الأول ـ وكأنه خيّل إليهم أنه أقرب إلى الحيلة ـ يصدون على أنفسهم باب المكر إذ يبتدئون مع الرسول في الشرك المتصل ، ولكنه يصدهم عن ذلك أيضا : أن ماهية عبادتي تتناقض تماما مع عبادتكم ، فعبادتي توحيدية محضة لا تقبل الإشراك أبدا ، وعبادتكم شركية لا تقبل التوحيد إطلاقا.
ف (لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) : ليست عبادتي كعبادتكم (١) : تلائم كل عبادة لكل معبود (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) ليست عبادتكم كعبادتي : (٢) تختص بالله الواحد القهار.
فهذه السورة تستأصل كل عبادة وكل معبود من دون الله ، شركا متصلا أو منفصلا ، وتختص العبودية بالله دون أن تشرك به سواه.
إذا فلا تكرار في الجواب ، وإن كان في صورة التكرار ، فجاءت السورة حاسمة قارعة عليهم ما يمكرون.
إنهم كانوا يزعمون أنهم على دين إبراهيم ، وانهم أهدى من أهل الكتاب الذين كانوا يعيشون معهم في الجزيرة ، فمن اليهود من كانوا يقولون : عزير ابن الله ، ومن النصارى من كانوا يقولون : المسيح ابن الله ، بينما هم كانوا يعبدون الملائكة والجن ، زعم قرابتهم من الله ، فكانوا يزعمونهم أهدى ، لأن نسبة الملائكة والجن إلى الله أقرب منها إلى عزير والمسيح.
__________________
(١ ، ٢). «ما» * في الآيتين الأخيرتين مصدرية ، وفي الأوليين موصولة ـ تفيد أولا رفض كل معبود من دون الله ، وثانيا ترفض كل عبادة شركية ـ فماهية الشرك تتناقض وماهية التوحيد معبودا وعبادة ، نستوحي هذا الفرق بين الآيتين من مضي الفعل في الثانية «وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ» : عبادتكم ، فلو كان المعني منها هو المعني من الاولى لم يكن وجه لاختلاف زمن الفعل.