استوثقت جزيرة العرب إيمانا ، ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر الإسلام ولله الحمد والمنة».
هذه الرواية تتلاءم مع ظاهر النص في السورة «إذا جاء ..» فلم يقل «قد جاء» .. إنها بشارة بمستقبل الفتح والنصر لا واقعه ، فلقد كانت في هذه البشارات المتلاحقة حجة للرسالة المحمدية ، إذ تحمل ملاحم الغيب ، وتقوية لقلوب المؤمنين بهذه الرسالة السامية ، إذ تبشرهم بمستقبل العز والإنتصار ، وفيها تبكيت وتسكيت للكافرين إذ يسمعون الوحي يقرع أسماعهم بقوارع الفتح ، وكما تضافرت به الروايات عن الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم (١).
__________________
(١) أخرج الطبراني عن ابن عباس قال : لما أقبل رسول الله (ص) من غزوة حنين أنزل عليه (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) إلخ .. قال رسول الله (ص) : يا علي بن أبي طالب ويا فاطمة بنت محمد! جاء نصر الله والفتح .. سبحان ربي وبحمده واستغفره إنه كان توابا ، ويا علي انه يكون بعدي في المؤمنين الجهاد ، قال : علام نجاهد المؤمنين الذين يقولون آمنا؟ قال : على الأحداث في الدين إذا عملوا بالرأي ولا رأي في الدين ، إنما الدين من الرب أمره ونهيه ، قال علي : يا رسول الله أرأيت إن عرض علينا أمر لم ينزل فيه قرآن ولم يقض فيه سنة منك؟ قال : تجعلونه شورى بين العابدين المؤمنين ولا تقضونه برأي خاصة ، فلو كنت مستخلفا أحدا لم يكن أحد أحق منك لقربك في الإسلام وقرابتك من رسول الله (ص) وصهرك ، وعندك سيدة نساء المؤمنين ، وقبل ذلك ما كان من بلاء أبي طالب إياي ، ونزل القرآن وأنا حريص على أن أرعى له في ولده (الدر المنثور ٦ : ٤٠٧).
أقول : لا تخفى دلالة هذا الحديث على أحقية الإمام علي (ع) بالإمرة على القولين : انه (ص) استخلف أو لم يستخلف ، إذ أبدى رأيه فيمن هو أولى ، فهل يا ترى ان لو كان للسقيفة حق الاستمارة في الإمرة ، فمن هو أولى بالاتباع؟ الرسول (ص) أم أصحاب الشورى ، وبعد أن أبدى الرسول رأيه!
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة قالت : كان رسول الله (ص) يكثر من قول : سبحان الله وبحمده وأستغفر الله وأتوب إليه ، فقد رأيتها : إذا جاء نصر الله والفتح ـ فتح مكة ـ ورأيت الناس ، إلخ ..
وفي تفسير علي بن إبراهيم القمي قال : نزلت بمنى في حجة الوداع وإذا جاء نصر الله والفتح ، فلما نزلت قال رسول الله (ص) : نعيت إلي نفسي ، فجاء إلى مسجد الخيف فجمع الناس ثم قال : ـ