وهي مشبهة له تعالى بخلقه من أخرى (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ. إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٣٧ : ١٦٠). فإنهم لا يصفونه إلا كما وصف به نفسه.
ولو سبّحناه دون تحميد لخيّل إلينا أنه المنفي الذات والصفات لأنسنا الدائب بالذوات والصفات التي نعيشها ، فإذ نسلبها عن ذاته تعالى فكأننا سلبنا عنه كل كيان موجود.
فبما أنه «خارج عن الحدين : حد الابطال وحد التشبيه» علينا أن نسبحه بحمده :
١ ـ نسبّحه وننزّه عنه تعالى ذوات الكائنات وصفاتهم ، بحمدنا له في ذاته وفي صفاته ، وهنا تصبح كافة الكائنات من صفاته السلبية.
٢ ـ ونسبحه عن تفسير أسمائه الحسنى وصفاته العليا بالمعاني التي نعرفها ونأنسها ونتصف نحن بها ، فلا نعني من أنه تعالى : «عليم قدير حي» ما نعنيه من مفاهيم ومعاني فينا ، بل تسبيحا بحمده : أنه لا يجهل ولا يعجز ولا يموت ، عليم لا كعلمنا ، وقدير لا كقدرتنا ، وحيّ لا كحياتنا.
فنحن ومعنا كافة الخلائق ، حينما نحمد ربنا ونصفه ، لا ندرك جهة ثبوتية له تعالى ، وإنما سلبيات نأنسها ، ولكن السلب قد يكون بلغة السلب ويعني واقع السلب ، كما في الصفات السلبية : «لا مركب ولا جسم ولا مرئي ولا له زمان ولا له مكان ولا له حد ولا له أول ولا له آخر ولا ..».
وقد يكون السلب بلغة الإثبات : «عليم قدير حي ..» ويعني واقع الإثبات (تسبيح بالحمد) دون أن ندرك منه إلا سلب ما يحق سلبه عنه : «اللاعلم واللاقدرة واللاحياة» في حين أننا نسلب عنه صفاتنا هذه أيضا : «ليس له علمنا ولا قدرتنا ولا حياتنا» إذ إنها صفات لا تتناسب وذاته القدسية.
(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ) .. التسبيح بالحمد والاستغفار هما تقديسه والاعتراف بربوبيته كما يحق ، ثم التماس الغفران منه.