«أفواجا» * : جماعات كثيرة تترى متسابقين ، فقد كانت القبيلة تدخل بأسرها ، بعد ما كانوا يدخلون واحدا واحدا واثنين اثنين .. وعن جابر بن عبد الله «أنه بكى ذات يوم فقيل له : ما يبكيك؟ فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : دخل الناس في دين الله أفواجا وسيخرجون منه أفواجا».
هكذا دخول في الإسلام دليل قاطع لا مردّ له ، على مدى وضوح البراهين الإسلامية لحدّ تتسابق أفواج الناس لتصديقه ، ثم ليس خروج من يخرج إلا للمغريات التي تغرّهم ، والمضلات التي تضلهم ، أو خروجا عامدا للتضليل وكما كان دخوله للإدغال والتدجيل.
(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) :
هنا يتحدد شأن الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم ومن معه ، بإزاء تكريم الله لهم ، وإكرامهم بتحقيق نصره على أيديهم : أن شأنه ومن معه هو الاتجاه إلى الله ، أن يسبحوا الله بحمده ويستغفروه في لحظة الإنتصار.
التسبيح بالحمد على ما أولاهم من منّه : أن جعلهم أمناء على دعوته ، حراسا لدينه ، وعلى ما أولى البشرية كلها من رحمة بنصره لدينه ، وفتحه على رسوله ، ودخول الناس أفواجا في هذا الخير الفائض العميم ، بعد العمى والضلال والخسران القديم.
التسبيح بالحمد ، لا التسبيح والحمد ، كلّ على حدة ، ولا كلّ دون سواه ، لأن التسبيح يعني الناحية السلبية من صفات الله تعالى ، والحمد : الناحية الإيجابية : (الصفات السلبية والثبوتية).
فلو حمدناه دون تسبيح وتنزيه عما هو منزه عنه ، لكنا خاطئين في حمده من جهات عدة ، منها : أن الحمد يحمل الإثبات ، والثابتات من الذوات ومن الصفات حسب إدراكاتنا ليست إلا حسب مقدرتنا من الإدراك ، وهي محدودة من ناحية ،