عنها ، وداخل فيها خارج عنها بعد زمن قريب أو بعيد ، فالخالد يصلى النار ، أي : يوقدها ، وغيره يصطلى بها ويتوقد منها ، فالذات التي هي تباب كلها ، والأعمال التي هي في تباب كلها : إنها حصب جهنم وحطبه ، ليس للنار وقود إلا هذه الذوات الشريرة العاتية ، كما القرآن يصرح بهكذا وقود في آيات عدة.
(سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) كما كانت ذاته لهبا ، وأعماله وأفكاره لهبا : (لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) حينما كان في الحياة الدنيا ، وإن كان لهيبه خافيا ـ حينذاك ـ عند الجاهلين .. كذلك يوم الجزاء ، فيظهر لهبه في منظر النار التي تحرق نفسه وتحرق غيره ، يصلى النار ويصطلي به غيره ممن كان يتابعه في كفره وفساده ، فرعا طبق الأصل جزاء وفاقا ، فما النار يوم الجزاء إلا صورة واقعية عن واقع الإنسان في حياة التكليف يوم الدنيا ، وإن كان في غفلة من هذه النار يومها (١).
(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) :
وتبّت يدا امرأته وتبت نفسها كتبا به سواء ، إذ ساعدته وسايرته في تهريج موقف النبي والعداء السافر ضد الدعوة الإسلامية.
يذكر هنا من صفاتها السيئة : (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) حال أنها ما كان شغلها حمل الحطب كتاجره وعاملة ، وليس العمل ـ أي ـ عمل ـ مذموما في الإسلام ، لكي يؤنّب به العامل ، فما كان العمل حلّا تكسب به المعيشة فهو حلال ، وهو من العبادات.
__________________
(١) لقد سبق طرف من البحث حول انعكاسات الأعمال في سورتي الزلزال والقارعة وتجد تفاصيل أخرى في غيرهما.