إنها تتضمن أعرض الخطوط الرئيسية في حقيقة التوحيد قرآنيا ، ولأعمق ما بالإمكان أن ينزل من وحي السماء بشأن التوحيد ، جارفة كافة التصورات الباطلة من وحي الأرض وإنسانها وشيطانها حول الكيان الإلهي.
إنها إثبات وتقرير لعقيدة التوحيد الإسلامية ، كما أن سورة «الكافرون» سلب لأي تشابه أو التقاء بين عقيدة التوحيد وخرافة الشرك ، وهما توضحان كلمة التوحيد الشاملة لكلي السلب والإيجاب : «لا إله إلا الله» التي تصف الله تعالى في مختلف الآيات التي تحويها كالتالية :
«لا إله إلا الله ـ الرحمان الرحيم» (٢ : ١٦٣) (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (٢ : ٥٥) (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٣ : ٦) (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٦ : ١٠٢) (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٢٠ : ٨) (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (٢٧ : ٦) (وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) (٢٠ : ٩٨) (فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (٤٠ : ٦٥) يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) (٤٤ : ٨) (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ .. الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ، ... هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٥٩ : ٢٥) ـ (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٤٠ : ٦٢).
فكلمة التوحيد هذه ، القيّمة ، المنقطعة النظير بين كلمات التوحيد ، تجمع بين السلب والإيجاب : سلب الألوهية عما ـ سوى الله بما لها من صفات وأفعال ، وإيجابها لذات واحدة جامعة لكافة الصفات الكمالية ، على وجه الحصر الحقيقي ، في ذات واحدة قيومة سرمدية.
فالله تعالى حسب الأوصاف المسبّقة في كلمة التوحيد : واحد في كونه :
__________________
ـ فمن رام وراء ذلك فقد هلك ، والحديث الثاني ـ انها ثلث القرآن ـ تحده في نفس المصدر ص ٧٠١ ح ١٩ بإسناده إلى ابن بصير عنه (ع).