والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والسأمة والجوع والشبع ، تعالى أن يخرج منه شيء. وأن يتولد منه شيء كثيف أو لطيف ، ولم يولد : لم يتولد من شيء ، ولم يخرج من شيء ، كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها ، كالشيء من الشيء ، والدابة من الدابة ، والنبات من الأرض ، والماء من الينابيع ، والأثمار من الأشجار ، ولا كما تخرج الأشياء اللطيفة من عناصرها ، كالبصر من العين ، والسمع من الأذن ، والشمّ من الأنف ، والذوق من الفم ، والكلام من اللسان ، والمعرفة والتمييز من القلب ، وكالنار من الحجر ، لا! بل هو الله الصمد الذي لا من شيء ولا في شيء ، ولا على شيء ، مبدع الأشياء ، ومنشئ الأشياء بقدرته ، يتلاشى ما خلق للفناء بمشيئته ، ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه ، فذلكم الله الذي لم يلد ولم يولد ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)(١).
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) :
لم يكن : ـ في الأزل ومن الأزل ولن يكون في الأبد والى الأبد ـ : من يكافئه في ألوهيته ، أو يضاهيه ويناصره ويعاضده ، أو يعارضه ، رغم خرافة أزلية إله الابن في صيغة متناقضة : «مولود غير مخلوق» فإنه لا يعني إلا أنه : مولود غير مولود!
إنه ليس له كفو ، سواء أكان والدا له ، أو ولدا منه ، أو من يتخذه ولدا ، أو كائنا مستقلا بجنبه (٢) ، أيا كان ، فهو الوحيد السرمدي في ألوهيته ، لا يشرك فيها أحدا من خلقه ، فهو الخالق والرازق والموفق والمؤيد والديان والهادي ، و.. لا سواه ، إلا رسلا يدعون إليه ، وليس لهم من الأمر شيء.
__________________
(١) نور الثقلين ج ٥ ص ٧١٣ عن كتاب التوحيد للصدوق.
(٢) من جواب الامام الباقر (ع) لأهل فلسطين : ولم يكن له كفوا أحد فيعازه في سلطانه ، أي يشاركه في عز الألوهية.