فهذه الآية الأخيرة تعم دلالة على عدم ولادته ، وعدم اتخاذه ولدا ، إذ هما يشاركان في لزوم الكفؤ له تعالى ، والقرآن ينفيهما هنا إجمالا وفي سائر الآيات تفصيلا.
فهذه السورة تنفي عن الله تعالى ما يحق نفيه عن ساحة قدسه ، وتثبت له ما يحق لألوهيته ، دون أن تنقص شيئا منهما على قلة ألفاظها .. ثم نجد التفاصيل منبثّة في الذكر الحكيم قرابة ثلث القرآن أو ربعه.
ثم نجدها براهين قاطعة للتوحيد الحق ، كل آية تفسّر ما قبلها وتفسرها ما بعدها ، ف «الله» * يفسر «هو» * : أن الذي هو غيب مطلق ، اسمه الله ، لا ما ما تختلقون من أسماء لمن تدعونهم آلهة ، و «الله» * أحد ـ فإن الأحدية الحقيقية المطلقة لزام من هو غائب عن ادراك الحواس. ف «هو» * : الله ـ و (هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، ثم «الأحد» «صمد» لا محاله ، فلو كان له جوف كان متعددا ولم يكن أحدا ، ولو كان له جوف روحاني بمعنى النقص ، لم يكن أحدا في الكمالات ، ولو كان له جوف : بإضافة الصفات إلى الذات ، لم يكن أحدا في الصفات ، ثم لزام «الصمد» أنه (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) .. لأن الوالد ـ مهما كان ـ إنه أجوف مزدوج الكيان ، وليس صمدا : لا جوف له ، وهو تعالى صمد لا جوف له : سواء الجوف المادي أم سواه ، فلا يخرج منه شيء كثيف ولا لطيف لأنه صمد لا جزء له ولا أجزاء ، لا حد ولا حدود.
(وَلَمْ يُولَدْ) إذ إن الحاجة إلى الولادة والحدوث ، هي خاصة بالكائن الفقير ، وهو المادي الأجوف ، فإذا كان صمدا فلا يحتاج أن يولد كما يستحيل أن يلد.
__________________
ـ وعن أبي عبد الله الصادق (ع) في حديث : لم يلد لأن الولد يشبه أباه ، ولم يولد فيشبه من كان قبله ـ ولم يكن له من خلقه كفوا أحد ـ تعالى عن صنعة من سواه علوا كبيرا(نور الثقلين ج ٥).