فيريد أن يكون هو موضوع الإيمان وسببه (لوقا ٩ : ٢٦) ويرضى بأن تقدّم له عبادة دينية فيقبل السجود لنفسه ، ذلك السجود الذي ـ بحسب العقلية اليهودية والمسيحية (استير ١٣ : ١٢ ، أعمال ١٠ : ٢٦ ، رؤيا يوحنا ١٩ : ١٠ ـ ٢٢ : ٩) ـ ذلك الذي يعود ويختص بالإله الحق وحده ، (انظر : متى ١٥ : ٢٥ و ٨ : ٢ و ٩ : ١٨ و ١٤ : ٣٣ و ٢٨ : ٩ و ١٧).
هذه الآيات الأخيرة بعضها مقحمة كالمصرحة بما ينافي توحيد الإله ، والأخرى متشابهة أو غير دالة (١).
والقرآن إذ يصدق الإنجيل ، فإنما يصدق ما فيه من وحي السماء ، لا المقحمات مثل التثليث ، وكما يندد بالثالوث في آيات ، ويعتبره من الوثنية ، ويصرّح أن المسيح من أعظم الموحدين المعارضين للخرافات الشركية قائلا :
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) (٥ : ٨١) (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (٣ : ٥٧) (وَقالَ الْمَسِيحُ : يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) (٥ : ٧٢) (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٥ : ٧٢ ـ ٧٣) (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٩ : ٣١).
فالنصرانية ـ حسب الآية الأولى والأخيرة ـ منذ القرن الثالث وحتى
__________________
(١) راجع «حوار» و «عقائدنا» باب التثليث.