فمن المقحمات الآية : «ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب في ، لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال» (يوحنا ١٤ : ١٠) أو يقال إنها يفسرها قول السيد المسيح عليه السّلام : «كما أنك أيها الآب في وأنا فيك ، ليكونوا هم أيضا واحدا فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني» (يوحنا ١٧ : ٢١).
وترى كذلك بجنبها محكمات في التوراة وفي الإنجيل قائلة :
«قال الله لن تسكن روحي في الإنسان إلى الأبد لأنه لحم» (تكوين ٦ : ٣) «وفيما هم يتكلمون بهذا أوقف يسوع نفسه في وسطهم ، وقال لهم : سلام لكم. فجزعوا وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحا. فقال لهم ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم. انظروا يدي ورجلي أني أنا هو. جسوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي. وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه. وبينما هم غير مصدقين من الفرح ومتعجبون قال لهم أعندكم هاهنا طعام. فناولوه جزءا من سمك مشوي وشيئا من عسل فأخذ وأكل قدامهم» (لوقا ٢٤ : ٣٦ ـ ٤٣).
فالآية التوراتية تحيل حلول الإله المجرد عن الجسم في الجسم ـ أيا كان ـ لأنه جسم ، فإن المحدود لا يشمل اللامحدود ، والمجرد لا يحوي الجسم.
وكذلك الآيات الإنجيلية تحيل هكذا حلول ، إذا فالمعني من الآية : «الآب في وأنا فيه» ليس هو التداخل الجوهري ، وإنما يعني كمال العبودية والذلة : ألّا يعتبر السيد المسيح نفسه في جنب ربه شيئا مذكورا ، فكأنه فيه «أنا فيه» وأنه لا ينطق ولا يعمل إلا حسب مخططات الوحي الإلهي ليس إلّا : «الآب في» لا سيما مع كون الآب يعني : الخالق ، ومن المستحيل اتحاد الخالق والمخلوق في الجوهر.