أن يكون ربك ، قدر أن يكون رب السماوات أيضا ، وكما قال : «لولاك لما خلقت الأفلاك» : إن ربك طوى فيك ما طواه من خيرات في الأرض والسماوات وما بينهما ، وفيك مزيد ، تستحق به أن تكون غاية لخلق الكون.
ربك رب السماوات ، دون أن تكون للسماوات والأرض أرباب سواه زعم المشركين ، ولك رب تزعمه! انما هو رب واحد لا رب سواه ولا معبود إلا إياه.
(رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ) : بالرحمة العامة الشاملة لكائنات العالم ، وربك : بالرحمة الرحيمية الخاصة للصالحين من خلقه ، وأنت مجمع الرحمتين : الرحيمية برسالتك المحمدية العظمي ، والرحمانية بما أودع فيك ما في الكائنات كلها.
«الرحمان» : ومن رحمته الثواب وكذلك العقاب ، فمن الرحمة أن يجد الشر جزائه ، وألّا يتساوى مع الخير في مصيره ، كما من العذاب مساواة المصير.
(الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) : رحمة يصاحبها الجلال والهيبة في ذلك اليوم المهيب الرهيب ، يغمر الجو بالروعة والجلال والرهبة والوقار.
(لا يَمْلِكُونَ) : الكائنون في المحشر كلهم ، من الملائكة والروح والإنس والجن ، الصالحون منهم والطالحون.
(لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) : لا خطابا يخاطبوه به فيما فعل أو يفعل بحق المؤمنين والمجرمين ، ف (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) (٢١ : ٢٣).
ولا خطابا يطلبون به منه شفاعة وغفرانا أو مزيدا أو نقصانا (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) (٢٠ : ١٠٩) (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) (١٩ : ٨٧).