إنه ليس الجزاء للمتقين إلا بالوعد الإلهي عن فضل وعطاء ، لا العدل الذي هو الجزاء الوفاق ، ولكنه للطاغين جزاء وفاق كأكثر الجزاء ، اللهم إلا أن يشملهم بعض الغفران أو بعضهم.
عطاء حسابا : عطاء محسوبا كجزاء فضلا من الله وإحسانا ، وعطاء على حساب الوعد دون الاستحقاق ، وعطاء وفق الحساب ، فلكل عطاء حساب ، لأن المتقين درجات ، وحساب البعض منهم هو الرزق بلا حساب (إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) : لا يدخل تحت حسابنا وإن كان عند الله مقدرا معلوما.
عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام : «.. حتى إذا كان يوم القيامة حسب لهم حسناتهم ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل : (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً)(١).
إن جزاء الطاغين جزاء وفاق لم ينسب إلى الرب : (إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً. لِلطَّاغِينَ مَآباً) ، ولأنه ليس انتقاما ، وإنما ظهور لحقائق الطغيان ، فالجزاء هو الأعمال ، منهم لا من ربك (جَزاءً وِفاقاً).
لكنما جزاء المتقين هو من ربك جزاء العطاء ، لو لا فضل الربوبية ووعد العطاء لم يكن لهم ذلك الجزاء ، ولكنه الرب المعطي يعطي الجزاء العطاء الحساب (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً).
(رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) :
ربك .. رب السماوات : لو لم يكن ربك لما كان رب السماوات ، فإذ قدّر
__________________
(١) نور الثقلين ج ٥ ص ٤٩٥ ح ٢٩ ، أمالى الطوسي باسناده إليه (ع) في حديث طويل.