الله ليسوا بملائكة لهم رؤوس وأيد وأرجل ثم قرأ : يوم يقوم الروح ..» (١).
هذا الروح العظيم وهؤلاء الملائكة الكروبيون يقومون ـ يوم الطامة الكبرى ـ صفا ، لا يتكلمون في شفاعة وسواها ، إذ لا يملكون من الله خطابا ، إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا ، فالكلام المأذون مقيد بالصواب ، كما الصواب أيضا مقيد بالإذن.
هذا الموقف الرهيب الذي لا يتكلم فيه المقربون إلا بإذن وحساب وصدق وصواب ، إنه يغمر جو المحشر بالروعة والوقار ، وعندئذ تنطلق صيحة الإنذار للسادرين في الغفوة والخمار :
(ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً) :
مآبا ومرجعا إلى ربه ، حسب ما تصبّغ بصبغته أو تخلف ، إما مآبا إلى جهنم المرصاد ، أو الجنة العطاء الحساب (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (٦ : ١٣٢).
(فَمَنْ شاءَ) يوم الدنيا وحقق مآبه «اتخذ» * بما قدمته يداه (إِلى رَبِّهِ مَآباً) جزاء وفاقا أو عطاء حسابا.
__________________
ـ الباقر (ع) مثله ح ١١٠ ويلمح إليه ح ١٠٨ ص ٦٣٩ المصدر. وقد يروى أنه ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل كما عن تفسير القمى عن الصادق (ع) في الآية : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ ..) قال : «الروح ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل وكان مع رسول الله وهو مع الأئمة».
ومقتضى العرض على القرآن ترجيح السابقة لملائمتها المقابلة بين الروح والملائكة في آيات ثلاث ، إضافة إلى أن الروح الذي يتنزل مع الملائكة ليلة القدر لا يمكن أن يكون مع المعصومين دائما ، فكيف الملائمة بين التنزل عليهم ليالي القدر والمقام معهم طوال الزمن؟
(١) الدر المنثور ٦ : ٣٠٩ ، أخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن عباس أن النبي (ص) قال : ..