بالملائكة كما يظن ويتوهم ، ولأنهم ليسوا مؤنثين : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى) (٥٣ : ٢٧)(١).
«غرقا» النازعات التي تنزع وتجذب الغرقى من الغرق ـ ١ ـ الأرواح الغريقة في الأبدان ، الراسبة الثابتة فيها كأنها هي هي بعينها ، إذ الغرق هو الرسوب في الماء وفي البلاء ـ ٢ ـ والأرواح مع الأجساد الغريقة في أكناف العالم وأعماقه بعد الموت ـ ٣ ـ والأرواح الكافرة الغريقة في حيونة الحياة ـ ٤ ـ والأرواح المؤمنة الغريقة في مرضاة الله رغم طبائع الأبدان الدافعة إلى خلافها (٢).
«غرقا» : القوات الغارقة في الأبدان لانتزاع أرواحها ، والغارقة في العالم لنزع أمانات الأرواح والأبدان ، والغارقة في الأعماق لتنزع الرواسب إلى الساهرة.
__________________
(١) إن الملائكة ليسوا إناثا ولا ذكورا ، ولا يؤتى بضمير التأنيث إلا للأنثى ، ويؤتى بضمير التذكير لغيرها ، ذكرا ، أم لا ذكرا ولا أنثى كما الله تعالى وملائكته ، ولم يأت القرآن للملائكة بضمير التأنيث بتاتا ، إذا فالمناسب هنا كون النازعات هي القوات الشاملة للملائكة وسواهم.
وفي الدر المنثور ٦ : ٣١٠ ، أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن علي (ع) في قوله : «وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً» قال : هي الملائكة تنزع أرواح الكفار ، والناشطات نشطا هي الملائكة تنشط أرواح الكفار ما بين الأظفار والجلد حتى تخرجها ، والسابحات سبحا هي الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين بين السماء والأرض ، فالسابقات سبقا هي الملائكة يسبق بعضها بعضا بأرواح المؤمنين إلى الله ، فالمدبرات أمرا قال هي الملائكة تدبر أمر العباد من السنة إلى السنة.
أقول : هذا من باب الجري والتطبيق على المصاديق البارزة في بعض أفعالها. فهو بعض من بعض من المذكورات في هذه الآيات ، واختصاصها بالملائكة تشبه مقالة الكفار (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) كما قاله أبو مسلم بن بحر الأصفهاني.
(٢) كل هذا إذا كان غرقا مفعولا به وبمعنى المفعول للنازعات أي غريقا ، ثم الأخير على كونه حالا من النازعات بمعنى الفاعل ، والظاهر قصدهما معا.