(إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) :
من أولى النداءات الإلهية لموساه إذ ناداه : (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً. وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى. إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي. إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى. فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى. وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى. قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى. قالَ أَلْقِها يا مُوسى. فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى. قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى. وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى. لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى. اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) (٢٠ : ١٢ ـ ٢٤).
وهذه أولى النداءات الرسالية : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) بعد برهنة الرسالة ، وأنه كيف يواجه ويكافح فرعون الطاغية.
(ناداهُ رَبُّهُ) : الذي رباه تربية رسالية واصطنعه لنفسه فصنع على عينه ، ولكي يستأهل لتلقي وحي الرسالة وتطبيقها.
(بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) : الواد الذي قدسه الله بالوحي الموسوي ، وعلّه «طوى» * ، وقد تكون (طوى) إيحاء لما طواه موسى من الفلاة بينه وبين الواد المقدس حتى آنس من جانب الطور نارا ، فطوى أهله وتحلّل عنهم أيضا قاصدا وادي الوحي ، ثم طواه الله بالوحي بعد انتشاره وتفرق باله ، وبعد ما طوى نفسه عن غير الوحي وعما سوى الله ، إذ خلع نعليه ، نعل الأهلين ، ونعل نفسه وإنيته ، فحلّ بالوادي مجردا عما سوى الله فاحتل منزلة الوحي.
أو أن «طوى» * هي الأرض التي حلّ بها موسى ، سميت طوى لما عرفنا من طوى موسى وانطوائه إلى مطوى الوحي.