(اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) :
أولى النداءات الرسالية الموسوية وبدايتها المحورية التي تدور عليها رحاها طوال الدعوة ، وهكذا يجب أن يكون موقف رجالات الوحي وجاه فراعنة التاريخ ، كفاحا متواصلا بالحكمة والموعظة الحسنة ، وبالطاقات الجبارة الفولاذية ، استئصالا للفرعنات والنمردات ، ولكي تعيش الشعوب على رغد الأمن والصلاح.
وهكذا يجب للمصلحين أن يكرسوا حياتهم في معارضة الطاغين والدفاع عن المظلومين دون سكوت وخمول واستسلام وانظلام.
فعلى المصلحين الحراك الدائم والتجوال المتواصل في دفع الطغيان أيا كان ومن أي كان ، دون أن يعتبروا أنفسهم «بيتا يؤتى ولا يأتي» فإن الشر يبتغي ـ دوما ـ مجالات لنموه وتحقيقه ، فلا بد لدعاة الخير أن يضيّقوا كافة المجالات على دعاة العيث والشر (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) (٢ : ٢٥١).
«اذهب» * : أنت إليه ، دون أن ترجو ذهابه إليك ، فإنه لا يأتيك إلا قاهرا ساهرا ساحرا ، ف «اذهب» * إليه ناصحا ومرهبا ، ولكي تزيله أو تخفف عن بأسه وبؤسه ..
(إِنَّهُ طَغى) : طغى على عباد الله إذ استعمرهم واستخفهم واستحمرهم ، وطغى على الله إذ قال : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) فأصبح حياته حياة الطغيان وما أسوأها حياة وما أخطرها نكالا على الشعوب!
إن الطغيان أمر لا ينبغي أن يترك ، ولا ينبغي أن يهمل فيبقى ، إنه يعيث الفساد في الأرض ، ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ، وما جور الجائرين وظلم الظالمين إلا نتيجة إهمال القادة الروحيين ، وفسح المجال للطائشين الظالمين ، وخمول المظلومين وإحنائهم ظهورهم لهؤلاء الشياطين.