خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١) يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) (٤٢)
(فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) :
هي الداهية الغامرة المتفاقمة التي تنسي الدواهي كلها ، ولا تطاق لمن وافاها (١) ، وهكذا سوف تكون الساعة (وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ). وما أمر الساعة إلا كلمح البصر» (١٦ : ٧٧).
إن هناك طامات ، داهيات غامرات ، والقيامة الكبرى كبراها ، فطامة الموت (٢) ، وطامة قيام القائم (٣) ، وطامة الرجفة والصيحة ، إنها كلها طامات ، إلا أنها غير تامات ، إلا الأخيرة الآخرة ، فالصيحة والرجفة الثانية هي الطامة الكبرى التي تغمر الكون أجمع فلا تبقي ولا تذر ، لوّاحة للبشر ، (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ).
إن الحياة الدنيا ومتعها كلّها متاع ينتهي إلى أجل ، فإذا جاءت الطامة الكبرى غطّت كل شيء ، على المتاع وعلى إنسان المتاع ، وعلى الأرض والسماء
__________________
(١) طمه : ملأه ، والماء غمر والشيء كثر والأمر عظم وتفاقم ، والعدد الكثير والداهية ، والقيامة تطم ، أي تغمر كل شيء ، والطمطام وسط البحر ، والطامة الداهية التي لا تستطاع وأصله من طم الفرس إذا استفرغ جهده في الجري ، وطم الماء إذ أملأ النهر كله.
(٢) نور الثقلين ٥ : ٥٠٦ ، القمي عن النبي (ص) «كفى بالموت طامة يا جبرائيل! فقال جبرائيل : إن ما بعد الموت أطم وأطم من الموت».
(٣) المصدر في كتاب كمال الدين وتمام النعمة عن أمير المؤمنين (ع) بعد ما يذكر الدجال ومن يقتله وأين يقتل «ألا أن بعد ذلك الطامة الكبرى ، قلنا : وما ذلك يا أمير المؤمنين! قال : خروج دابة الأرض من عند الصفا معها خاتم سليمان .. وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها ..».