المتاع ، إنها تطمّ وتعمّ الكون بمن فيه وبما فيه ، ولكي تبدأ الحياة جديدة داخرة ، ثم لا يبرز هناك إلا ما سعاه الإنسان وقدّمه لأخراه.
(يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى) :
يتذكر ما نسيه أو تناساه ، وما لم يكن ليتذكره يوم الدنيا لغفلته : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٥٨ : ٦) : يتذكره ما هو؟ (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) (٨٢ : ٥) (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) (٨١ : ١٤) إذ كان حين الدنيا يعلم ظاهره دون باطنه ومصيره ، كما ويتذكر بما يسمعه ويراه من أقواله وأعماله ، من حلّه وتر حاله ، التي كان ربه يستنسخها في ذاته وفي أرضه .. (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) (٣ : ٣٠) (يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) (٧٨ : ٤٠).
صحيح أن الإنسان يتذكر ما سعاه يوم البرزخ أيضا ، ولكنه برزخ وليس تاما ، وكما أن طامته ليست تامة ، فيوم الطامة الكبرى سوف يكون تذكر الأعمال تاما كما الجزاء (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) (٨٩ : ٢٣) وأنى! ولات حين مناص ، ولا تنفعه الذكرى.
(وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى) :
بروزا للرؤية للناظرين ، من أهله وسواهم ، وبروزا لصلي الغاوين : (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) (٢٦ : ٩١). تسعّر الجحيم بمن يدخلها من أصول الضلالة ، بعد أن كانت خامدة : (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) (٨١ : ١٢) (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ) (٨٣ : ١٦).
والجحيم هي نار شديدة التأجج بوقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين. وتبريز الجحيم هو إظهارها بعد خفائها ، ولقد كانت الجحيم مع أهلها يوم الدنيا ،