من البيت ، إلا أن قومك قصرت بهم النفقة ـ أي : الحلال ـ فأخرجوه من البيت ، ولو لا حدثان قومك بالجاهلية لنقضت بناء الكعبة وأظهرت قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وأدخلت الحطيم في البيت ، وألصقت العتبة إلى الأرض ، ولئن عشت إلى قابل لأفعلن ذلك» ، ولم يعش صلىاللهعليهوسلم ولم يتفرغ الخلفاء لذلك. ذكره الحلبي (١).
ثم قال : أقول : وهذا من أعلام نبوته صلىاللهعليهوسلم ـ أي : بناء عبد الله بن الزبير رضياللهعنه للكعبة من جملة أعلام النبوة ـ لأنه من الإخيار بالمغيبات [ففي](٢) نص حديث عائشة رضياللهعنها : «فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمّي لأريك ما تركوه منه» ، فأراها قريبا من ستة أذرع.
وتقدم أن هذا يرد قول بعضهم : أن ابن الزبير رضياللهعنه أدخل في بنيانه جميع الحجر.
قال بعضهم : وهذا منه صلىاللهعليهوسلم تصريح بالإذن في أن يفعل ذلك بعده عند القدرة عليه والتمكن منه.
وقال المحب الطبري رحمهالله : وهذا الحديث ـ يعني حديث عائشة رضياللهعنها ـ يدل تصريحا وتلويحا على جواز [التغيير](٣) في البيت إن كان لمصلحة ضرورية أو واجبة أو مستحسنة.
قال الشهاب ابن حجر الهيتمي رحمهالله : ومن الواضح المبين (٤) أن ما وهى منها وتشقّق في حكم المنهدم أو المشرف على الانهدام فيجوز
__________________
(١) السيرة الحلبية (١ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩).
(٢) في الأصل : فمن. والتصويب من السيرة الحلبية (١ / ٢٧٩).
(٣) في الأصل : التغير. والتصويب من المرجع السابق.
(٤) في السيرة الحلبية : البيّن.