ولم يلتفت إليه ، وقتل في سكاك مكة وظاهرها وشعابها من أهل خراسان (١) والمغاربة وغيرهم خلق كثير ، وكان ممن قتل بمكة أميرها ابن محارب ، والحافظ محمد بن الحسن الهروي ، أخذته السيوف وهو متعلق بيديه جميعا في حلقة الباب حتى [سقط](٢) رأسه على عتبة الباب ، وخلق كثير من الأعيان ، وهرب قاضيها يحيى بن عبد الرحمن الزهري القرشي [بعياله إلى وادي رهجان](٣) ، وأخذ القرمطي هو وجماعته ما ينوف عما قيمته مائة ألف وخمسون ألف دينار ، ولم يقف أحد هذه السنة بعرفة ولا أدّى فيها نسكا إلا قوم قليلون غرّوا بأنفسهم [فتمموا](٤) حجّهم دون إمام وكانوا رجالا ، وأخذ أبو طاهر مال الناس وحلي الكعبة ، وهتك أستارها ، وقسم كسوتها بين أصحابه ، ونهب دور مكة ، وقلع باب الكعبة وأمر بقلع الميزاب ـ وكان من الذهب ـ فطلع رجل ليقلعه فأصيب من أبي قبيس بسهم في عجزته فسقط ميتا ، ويقال : إن الرجل وقع على رأسه فقال القرمطي : اتركوه على حاله فإنه محروس حتى يأتي صاحبه ـ يعني المهدي ـ وأراد أخذ المقام فلم يظفر به ؛ لأن سدنة البيت غيّبوه في بعض شعاب
__________________
(١) خراسان : بلاد واسعة أول حدودها مما يلي العراق أزاذوار قصبة جوين وبيهق ، وآخر حدودها مما يلي الهند طخارستان وغزنة وسجستان وكرمان ، وليس ذلك منها إنما هو أطراف حدودها ، وتشتمل على أمهات من البلاد ، منها : نيسابور ، وهراة ، ومرو ـ وهي كانت قصبتها ـ وبلخ ، وطالقان ، ونسا ، وأبيورد ، وسرخس ، وما يتخلل ذلك من المدن التي دون نهر جيحون ، ومن الناس من يدخل أعمال خوارزم فيها ويعد ما وراء النهر منها ، وليس الأمر كذلك ، وقد فتحت أكثر هذه البلاد عنوة وصلحا (معجم البلدان ٢ / ٣٥٠).
(٢) في الأصل : سقطت.
(٣) في الأصل : بجبال بوادي الهيجان. والمثبت من الإعلام (ص : ١٦٤).
ووادي رهجان : واد يصبّ في نعمان ، فيه عسل كثير (معجم البلدان ٣ / ١٠٨).
(٤) في الأصل : فتموا. والتصويب من درر الفرائد (ص : ٢٣٦).