مكة ، فتألّم لفقده ، فعاد عند ذلك إلى الحجر الأسود [فقلعه](١) جعفر بن أبي علاج البناء المكي بأمر القرمطي بعد صلاة العصر من يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة ، وقال عند ذلك شعرا يدل على عظم زندقته حيث يقول ضاعف الله عليه عذابه :
فلو كان هذا البيت لله ربّنا |
|
لصبّ علينا النار من فوقنا صبّا |
لأنّا حججنا حجّة جاهلية |
|
محللة لا تبقي شرقا ولا غربا |
وأنّا تركنا بين زمزم والصفا |
|
جنائز لا تبغي سوى ربّها ربّا |
وقيل : إن بعضهم ضرب الحجر الأسود بدبوس فقلعه ثم كسره ، وقلع القرمطي قبة زمزم ، وأقام هو وأصحابه في مكة أحد عشر يوما ، وقيل : ستة أيام ، وقيل : سبعة ، ثم انصرف إلى بلده هجر ، وحمل معه الحجر الأسود يريد أن يجعل الحج عنده فهلك تحته أربعون جملا ، وبقي موضع الحجر من الكعبة خاليا يضع الناس فيه أيديهم للتبرك ، وأقام الحجر عندهم بالحسا عشرين سنة يستميلون الناس إليهم فلم يميلوا فيئسوا ثم ردوه.
وذكر أبو [عبيد](٢) عبد الله البكري في كتابه المسمى بالمسالك (٣) : أن الله تعالى رمى القرمطي بعلّة في جسده.
قال السيوطي : وهو جدري ، فطال عذابه حتى تقطعت أنامله ، وأراه الله عزوجل في نفسه عبرة.
وللصلاح الصفدي قصيدة في الحجر الأسود ذكرها الشيخ عبد القادر في كتابه درر الفرائد (٤) أولها :
__________________
(١) في الأصل : وأمر. والتصويب من درر الفرائد ، الموضع السابق.
(٢) قوله : عبيد ، زيادة من درر الفرائد. وانظر : كشف الظنون (٢ / ١٦٦٤).
(٣) المسالك والممالك (ص : ٨٠).
(٤) درر الفرائد (ص : ٢٣٧).