فرجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال : احفر برّة. قال : قلت : وما برّة؟ قال : ثم ذهب عني ، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال : احفر زمزم قلت : وما زمزم؟ قال : لا تزف ولا تذم تسقي الحجيج الأعظم ، وهي بين الفرث والدم ، عند نقرة الغراب الأعصم ، عند قرية النمل. ذكره الحلبي (١).
وفي رواية : فاستيقظ فقال : اللهم بيّن لي ، فأتي في المنام مرة أخرى ، فقيل له : احفر تكتم بين الفرث والدم في مبحث الغراب الأعصم في قرية النمل مستقبل الأنصاب الحمر ، فقام عبد المطلب فمشى حتى جلس في المسجد الحرام ينتظر ما [سمّي](٢) له من الآيات ، [فنحرت](٣) بقرة بالحزورة (٤) فانفلتت من جزارها بحشاشة نفسها حتى غلبها الموت في المسجد في موضع زمزم ، فجزرت تلك البقرة في مكانها حتى احتمل لحمها ، فأقبل غراب يهوي حتى وقع في الفرث ، فبحث عند قرية النمل ، فقام عبد المطلب فحفر هناك ، فجاءته قريش فقالت لعبد المطلب : ما هذا [الصنيع](٥)؟ إنا لم [نزنك](٦) بالجهل ، لم تحفر في مسجدنا؟ فقال عبد المطلب : إني لحافر هذا البئر ومجاهد من صدّني عنها ، فطفق يحفر هو وابنه الحارث ـ وليس له ولد يومئذ غيره ـ فسفه عليهما ناس من قريش
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) في الأصل : سمه.
(٣) في الأصل : فخرجت. والتصويب من الأزرقي (٢ / ٤٢ ـ ٤٤) ، والبحر العميق (٣ / ٢٧٤).
(٤) الحزورة : عند باب الوداع. وكانت الحزورة سوق مكة ، وقد دخلت في المسجد لما زيد فيه (معجم البلدان ٢ / ٢٥٥).
(٥) في الأصل : تصنع. والتصويب من البحر العميق (٣ / ٢٧٤).
(٦) في الأصل : نتركك. والتصويب من الأزرقي.