منافق» ؛ فماؤها إذا مذموم عندهم ـ أي : عند المنافقين ـ وقد كان خالد بن عبد الله [القسري](١) أمير العراق يذمها [ويسميها](٢) أم جعلان ، واحتفر بئرا خارج مكة باسم الوليد بن عبد الملك ، وجعل يفضّلها على زمزم ، ويحمل الناس بالتبرك بها دون زمزم جراءة منه على الله تعالى ، وقلّة حياء منه ، وهو الذي كان يعلن ويفصح بسبّ سيدنا عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه على المنبر.
قال السهيلي (٣) : وإنما ذكرنا هذا ليعلم أنها قد ذمت. قال : فقولهم إذا : «لا تذم» من قولهم : بئر ذمة ، أي : قليلة الماء ، فهو من أذممت البئر وجدتها ذمة ؛ كقولهم : أكذبت الرجل إذا وجدته كذابا ، قال تعالى : (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) [الأنعام : ٣٣] ، فهذا أولى ما حمل عليه معنى قوله : «لا تذم». انتهى كلام السهيلي وهذا لفظه.
[وقوله](٤) : ادع بالماء الروي غير الكدر ، يقال : ماء روى ـ بالكسر والقصر ـ ورويا ـ بالمد والفتح ـ مثل نعام جافل لم يقسم الجافل ، من جفلت الغنم إذا انفلتت بجميعها ، ولم يقسم ، أي : لم يوزع ولم يتفرق ، ليس يخاف منه شيء ما عمر ، أي : ما عمر هذا الماء فإنه لا يؤذي ولا يخاف منه ما يخاف من المياه إذا أفرط في شرابها ، بل هي بركة على كل حال.
قال السهيلي (٥) : فعلى هذا يجوز أن يحمل على قوله : لا تنزف ولا تذم ، أي : لا تذم عاقبة شربها ، وهذا تأويل سائغ أيضا إلى ما قدمناه من
__________________
(١) في الأصل : القسيري. وفي ب : القشيري. وهو تصحيف.
(٢) في الأصل : ويسمها.
(٣) الروض الأنف (١ / ٢٦١ ـ ٢٦٢).
(٤) قوله : وقوله ، زيادة من البحر العميق (٣ / ٢٧٦).
(٥) الروض الأنف (١ / ٢٦٥).