مِنْ كُلِّ مَكانٍ) [النحل : ١١٢] مع أن لفظ قرية النمل مأخوذة من : قريت الماء في الحوض إذا جمعته ، والرؤيا تعبر على اللفظ تارة وعلى المعنى أخرى ، فقد اجتمع اللفظ والمعنى في هذا التأويل ، وقيل لعبد المطلب في صفة زمزم : لا تنزف أبدا ولا تذم ، وهذا برهان عظيم ؛ لأنها لم تنزف من ذلك الوقت إلى يومنا قط ، وقد وقع فيها عبد حبشي فنزحت من أجله ، فوجدوا ماءها يثور من ثلاثة عيون ، أقواها وأكثرها ماء العين الذي من ناحية الحجر الأسود. هذا حديث الدارقطني. ذكره القرشي (١).
وذكر الفاسي في شفاء الغرام (٢) : أن العباس بن عبد المطلب رضياللهعنه سأل كعب الأحبار رضياللهعنه : أي عيونها أغزر؟ قال : العين [التي](٣) تجري من جهة الحجر. قال : صدقت. انتهى.
وقوله : لا تذم ، أي : لا تعاب ولا تلفى مذمومة ، من قولك : أذممته إذ وجدته مذموما ، وقيل : لا يوجد ماؤها [قليلا](٤) ، من قولهم : بئر ذمة إذا كانت قليلة الماء ، ومنه حديث البراء رضياللهعنه : فأتينا على بئر ذمة فنزلنا فيها ـ أي : قليلة الماء ـ. كذا قاله ابن الأثير (٥) ، وضعف السهيلي الوجه الأول.
وقال : قوله : «فلا تذم» فيه نظر ، وليس هو على ما يبدو من ظاهر اللفظ من أنها لا يذمها أحد ، ولو كان من الذم لكان ماؤها أعذب المياه ، ولتضلع منه كل من شربه. وقد جاء في الحديث : «أنه لا يتضلع منها
__________________
(١) البحر العميق (٣ / ٢٧٥).
(٢) شفاء الغرام (١ / ٤٧٢).
(٣) في الأصل : الذي.
(٤) قوله : قليلا ، زيادة من البحر العميق (٣ / ٢٧٥).
(٥) النهاية في غريب الحديث (٢ / ١٦٩).