الصفا تسعة وأربعون (١) ذراعا ونصف ، وكان وراءه سيل الوادي ، فهذه زيادة المهدي العباسي الأولى ، وأمر بالأساطين فحملت من مصر والشام ، ثم حملت في البحر إلى قرب جدة في موضع يقال له : الشعيبة ، وكان ذلك المحل ساحل مكة في أيام الجاهلية فجمعت هناك ؛ لأن مرساها قريبة إلى البر بخلاف جدة ؛ لأن مرساها التي توقف بها السفن بعيدة إلى البر ، فصاروا يحملون أساطين الرخام على العجل ويجيئون بها إلى مكة.
قال القطب (٢) : ويتحاكى بعض العرب أن بها الآن بقايا أساطين رخام دفنتها الريح. والله أعلم بالحقيقة.
وعمل الأساس لتلك الأساطين بحيث حفر الأرض وبنى بها جدران على شكل الصليب ، ووضع كل أسطوانة على موضع من تلك التقاطع.
قال القطب (٣) : وقد كشف عنها السيل العظيم في سنة تسعمائة وثلاثين ، وشوهد أساس الأساطين على هذه الحالة ، واستمر المسجد على هذا الحال إلى سنة [أربع](٤) وستين ومائة ، ثم حج المهدي في ذلك العام فشاهد الكعبة المشرفة ليست في وسط المسجد بل في جانب منه ، ورأى المسجد قد اتّسع من أعلاه ومن أسفله [ومن جانبه](٥) الشامي ، وضاق من الجانب اليماني الذي يلي مسيل الوادي ، وكان محل المسيل الآن بيوتا للناس وكانوا يسلكون من المسجد في بطن الوادي ، ثم يسلكون زقاقا ضيقا ، ثم يصعدون إلى الصفا ، وكان المسعى في موضع المسجد الحرام
__________________
(١) كذا في الأصل. وقد عدلت في الهامش إلى : وأربعين ، وهو خطأ.
(٢) الإعلام (ص : ١٠١).
(٣) الإعلام (ص : ١٠١ ـ ١٠٣).
(٤) في الأصل : أربعة.
(٥) في الأصل : وجانبه. والتصويب من الإعلام.