العلمين : أحدهما في دار عبّاد بن جعفر ، ويعرف اليوم بسلمة بنت عقيل ، والآخر في دار العباس ، ويقال [لها](١) اليوم : رباط العباس ، ويسرع الساعي بينهما في سعيه إذ توجه من الصفا إلى المروة إذا صار بينه وبين العلم الأخضر الذي بالمنارة المشار إليه ، والمحاذي له نحو ستة أذرع ، على ما ذكره صاحب التنبيه وغيره.
قال المحب الطبري في شرح التنبيه : وذلك لأنه أول محل الانصباب في بطن الوادي ، وكان ذلك الميل موضوعا على بناء ، ثم على الأرض في الموضع الذي شرع منه ابتداء السعي ، وكان السيل يهدمه ويحطمه ، فرفعوه إلى أعلا [ركن](٢) المسجد ، ولم يجدوا أقرب من ذلك الركن فوقع متأخرا عن محل ابتداء السعى بستة أذرع. انتهى.
وذكر سليمان بن خليل نحو ذلك بالمعنى ، وسبقهما إلى ذلك إمام الحرمين أبو المعالي الجويني ، ولم يذكر الأزرقي سبب هذا التغيير مع كونه ذكر أن بالمنارة المشار إليها علم السعي ، وهذا يقتضي أن يكون التغيير المشار إليه وقع في عصره أو قبله ، ويبعد أن يكون التغيير ذلك بسبب ولم يذكره الأزرقي ، كما يبعد خفاء سبب ذلك عليه ؛ لأنه كثير العناية بهذا الشأن ، والله أعلم. انتهى.
وذكر الأزرقي (٣) على ما ذكره الفاسي في صفة هذه الأعلام ، وأن ذرع ما بين العلم الذي بباب المسجد إلى العلم الذي يحاذيه على باب دار العباس وبينهما عرض المسعى : خمسة وثلاثون ذراعا ونصف ذراع ، ومن
__________________
(١) في الأصل : له. والتصويب من شفاء الغرام.
(٢) في الأصل : الركن.
(٣) الأزرقي (٢ / ١١٩).