كل خبر لطيف ، وأثر مبارك شريف.
ولا يحملك الاعتراض من غير تأمل ؛ فإن هذا قد جبلت عليه الأقران ؛ من إنكار ما يجده لغيره من المزايا الحسان ، ولا يميلك استصغار مؤلفه إلى نبذ فوائده ، والاستنهال [من](١) عظم فرائده ، فإن لك غنمها وعلى غيرك غرمها. وما علم فضل نفسه بمثل اعتراف الفضل في كل فاضل ، ومع ذلك لم أدّع رتبة الكمال ؛ ففوق كل ذي علم عليم. ولا أزعم التنزه عن النقص والعيب ؛ فالمنزه عن كل عيب هو الله القدوس العزيز العليم ، ولقد قيل : لا يبعد ذو كمال من نقص ، ولا يخلو ذو نقص من كمال ، فلا يمنعك نقص الكمال من استفادة كلامه ، ولا يوعبك كمال النقص في الميل إلى نقصه.
ولقد كتب أستاذ البلغاء القاضي عبد الرحيم البياني إلى العماد الأصفهاني الكاتب معتذرا عن كلام استدركه عليه : وقد وقع لي شيء وما أدري أدفع لك أم لا؟ وها أنا أخبرك به ، وذلك أني رأيت أن لا يكتب إنسان كتابا في يومه ، إلا قال في [غده](٢) : لو غيّر هذا المكان كان أحسن ، ولو زيد هذا يستحسن ، ولو قدم هذا لكان أفضل ، ولو ترك هذا لكان أجمل. وهذا من أعظم العبر ، وهو دليل على استيلاء النقص على البشر. انتهى.
فالأليق بالفاضل إن عثر بشيء مما كتبه المؤلف ؛ أن يستر الزلل ، ويسدّ الخلل ، والكريم غفار ، والحليم ستار ، واستعنت الله على ذلك ، راقيا فيه أعلا المسالك ، وانتخبته من كتب عديدة ، لأئمة كبار ذوي مناقب حميدة ،
__________________
(١) في الأصل : في.
(٢) في الأصل : عدة مواضع.