القرشي (١).
وقال القطبي (٢) : فلما بلغ ذلك أم جعفر زبيدة زوجة هارون الرشيد ، وكانت من أهل الخير وكان لها مآثر عظيمة ، منها : إجراء عين حنين إلى مكة ، وصرفت عليها خزائن أموال إلى أن جرت إلى مكة وهي في واد قليل الأمطار ، فنقبت زبيدة الجبال إلى أن أوصلت الماء من الحلّ إلى الحرم ، وأنفقت عليها ألف ألف وسبعمائة ألف مثقال ذهبا ، فلما أخرج المباشرون (٣) دفاترهم لأجل الحساب ، وكانت في قصر عال على الدجلة ، فأخذت الدفاتر ورمتها في الدجلة ، وقالت : تركنا الحساب ليوم الحساب ، وكانت هذه العين ترد مكة وينتفع الناس بها ، ومنبع هذه العين في ذيل جبل شامخ يقال له : طاد ـ بالطاء المهملة وألف بعدها دال مهملة ـ من جبال الثنية من طريق الطائف ، وكان الماء يجري إلى أرض يقال لها : حنينا ـ وفي المشارق للقاضي عياض (٤) : حنين : واد قريب من الطائف بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا. انتهى ـ يسقى بها نخل ومزارع مملوكة للناس ، وإليها ينتهي جريان الماء ، فاشترت زبيدة هذه المواضع ، وأبطلت تلك المزارع
__________________
(١) البحر العميق (٣ / ٢٩٨).
(٢) الإعلام (ص : ٣٣٤ ـ ٣٣٦).
(٣) المباشر : هو الموظف الذي يكلف بإدارة العمل والإشراف على تنفيذه ، وإجراء المبيعات والمشتروات المتعلقة به ، وكذلك استخدام عماله ، وربما أطلق على الموظفين بالدواوين اسم مباشرين ، وبطبيعة الحال كانت تختلف أعمال المباشرين باختلاف الدواوين والنظار التي يعملون فيها. عرفت هذه الوظيفة في الدولة العبيدية ثم في الدولة الأيوبية ، وشاعت في الدولة المملوكية ، فعرف مباشر وجهات المكوس ، ومباشروا الاصطبلات ، وغيرها.
ولم تقتصر هذه الوظيفة في الديار المصرية ، بل وجدت في الشام ، فكان يضم إلى كل نظر من أنظار دمشق مباشرون (انظر : الفنون الإسلامية ٣ / ٩٨٢ ـ ٩٨٩).
(٤) مشارق الأنوار (١ / ٢٢١).