وكان سبب عصيانه : أن الوزير أبا القاسم المغربي لما قتل الحاكم أباه ، هرب من الحاكم واستجار ببعض آل الجرّاح (١) ، فبعث إليهم من حاربهم ، وكان الظفر [لآل](٢) الجراح ، فعند ذلك حسّن لهم الوزير مبايعة أبي الفتوح ، وحسن أبو القاسم الوزير لأبي الفتوح أخذ ما في الكعبة من المال ، فأخذ أبو الفتوح ذلك مع مال عظيم لبعض التجار بجدة ، وخطب لنفسه ، وبايعه بالخلافة شيوخ الحسنيين وغيرهم بالحرمين ، وتلقب بالراشد ، وخرج من مكة إلى الرملة (٣) [قاصدا](٤) آل الجراح في جماعة من بني عمه وألف عبد أسود ـ على ما قيل ـ ومعه سيف زعم أنه ذو الفقار (٥) ، وقضيب (٦) قال أنه قضيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فلما قرب من الرملة : تلقاه العرب وقبّلوا الأرض ، وسلّموا عليه بالخلافة ، ونزل الرملة ، ونادى بالعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فانزعج الحاكم لذلك ، وما وسعه إلا الخضوع لآل الجراح ، واستمال حسان بن مفرّج بالمال هو
__________________
(١) آل الجراح : من طيء. تولوا رئاسة جنوب الشام ـ فلسطين ـ أيام العبيديين. وظهر منهم مفرج بن دغفل بن الجراح الطائي وأبناؤه ، وبالأخص حسان بن مفرج الذي لعب دورا كبيرا زمن الحاكم العبيدي (انظر : تاج العروس ٥ / ١٢٤ ، وتاريخ ابن خلدون ٦ / ٧).
وانظر تفاصيل هذه الحوادث في : وفيات الأعيان (٢ / ١٧٤ ، وإتحاف الورى ٢ / ٤٣٥ ـ ٤٤١).
(٢) في الأصل : لا آل.
(٣) الرملة : مدينة عظيمة بفلسطين ، وكانت قصبتها قد خربت الآن ، وكانت رباطا للمسلمين ، وهي في الإقليم الثالث ، وبينها وبين البيت المقدس ثمانية عشرة يوما ، وهي كورة من فلسطين ، وكانت دار ملك داود وسليمان ورحبعم بن سليمان (معجم البلدان ٣ / ٦٩).
(٤) في الأصل : قاصد. وانظر شفاء الغرام.
(٥) ذو الفقار : سيف النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكان لمنبه بن الحجاج ، وكان لا يفارقه صلىاللهعليهوسلم (انظر : تاريخ القضاعي ص : ٢٥٠ ـ ٢٥١).
(٦) كان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم قضيب يسمى الممشوق (تاريخ القضاعي ص : ٢٤٦).