أوائل سنة [خمس](١) وثمانين تنحوا إلى جهة وادي البقيع من بلاد حرب بين السفر وبلاد بني علي وعوف ، واستمروا ومن معهم بها إلى شهر رمضان ، ثم عنّ لهم التوجه إلى الأبواب السلطانية فتوجهوا ، ولم يمروا بحيّ من أحياء العرب إلا تلقوهم بالقبول إلى أن وصلوا الشام ، فحصل لهم العز والقبول ، واستأذن لهم والي الشام السلطنة في التوجه إليهم فأذنوا لهم ، فتوجهوا إلى أن وصلوا «أدرنة» فحصل لهم من الدولة إكرام ، ثم توجهوا إلى القسطنطينية بأمر من السلطان واستمروا بها ، وتولى الشريف سعد «معرة النعمان» ، فتوجه إليها وعزل ، وعرضت على المترجم له ترسوس فلم يقبل ، وأقام بالقسطنطينية مدة مديدة (٢).
ولم يزل مقيما بها والأحوال تنتقل به إلى أن حصل لمكة ما حصل من الاختلاف بين الأشراف ، فبلغ ذلك السلطان ، فأرسل إلى الشريف أحمد يطلبه ، فلما أتاه ودخل عليه قام له وقابله في غاية الإجلال ، ووضع كفه بكفه وصافحه من قيام قائلا : اللهم صل على محمد وآل محمد ، وأول خطاب من السلطان له قال له : يا شريف أحمد ، الحجاز خرب أريد إصلاحه فامتثل ذلك ، فعند ذلك ألبسه ما كان عليه ، ثم جلس السلطان وأمره بالجلوس ، فعاد عليه ما قاله مرتين وهو يجيبه بالامتثال والقبول ، [فحينئذ](٣) قال السلطان : إذا آن أوان الشيء أبرزه الله ، وأمر الوزير والكتّاب أن يكتبوا له ملتمسة ، فخرج الشريف وقدموا له مركوبا من خيل السلطان ، ورحل على خيل البريد إلى دمشق ، وقد خرج الحاج منها ،
__________________
(١) في الأصل : خمسة.
(٢) خلاصة الأثر (١ / ١٩٠ ـ ١٩١).
(٣) في الأصل : فح. والمثبت من خلاصة الأثر (١ / ١٩٦).