أظهر الاجتهاد وأنه كبير الوهابية ، وابن سعود أميرهم وقائد عساكرهم ، فصارت ذرية كلا من الاثنين يتولى رتبة سلفه ، واختاروا قاعدة بلدهم الدرعية في الجانب الشرقي ، ولا زال ابن سعود مشتغلا بما في باله من توسيع ولايته ، فاصطنع جيشا جيدا ، وسار يزيد اجتهاده لهم وتبشيره لهم بالنصر ، وجهز جيشا يفوق عن عشرين ألفا ، فسلم له عرب البادية قبيلة بعد قبيلة حتى ملك الحجاز إلى قرب الشام ، ودخلوا مكة إلى أن كسر شوكتهم الحاج محمد علي باشا صاحب مصر وردهم إلى محلهم ، وكان دخولهم مكة سنة ألف ومائتين [وست عشرة](١) ، وصار بين الشريف غالب صاحب مكة وبينهم حروبا ووقائع يطول شرحها.
وقد ألف الشيخ عبد الله عبد الشكور هندية في حروبهم مع صاحب الترجمة كتابا حافلا.
وحصروا عن مكة الطعام حتى قاسوا أهلها من الجوع أشد ما يكون. والحاصل أنهم يكرهون أهل السنة والجماعة ويسمونهم المشركين ، ومساجدهم من غير قبب ، ويدفنون موتاهم من غير مشهد ، ولأجل هذا هدموا جميع قبب الأولياء والصحابة التي بمكة ، وكذا التي بالمدينة ما عدا قبته صلىاللهعليهوسلم فلم يقدروا على هدمها ، لكن نهبوا ما في الحجرة الشريفة مما هو من الخزائن والجواهر (٢) ، وبقوا مستولين على الحجاز ومكة والمدينة ، وانقطع الحج المصري والشامي في أيامهم إلى أن أخرجهم من مكة والمدينة والحجاز ، وقتل منهم مقتلة عظيمة.
وفي ألف ومائتين [وثمان](٣) وعشرين لتسع عشرة خلت من ذي
__________________
(١) في الأصل : وستة عشر.
(٢) هذا من تجني المؤلف على الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي يعد من الدعاة المصلحين ، المشهود له بالعلم والدين ، الذي دعى إلى تجريد التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده ، وترك البدع وإقامة شعائر الإسلام.
(٣) في الأصل : ثمانية.