ورأى مرة أخرى حين كان ولده سيدنا الشريف عبد الله غائبا في بعض الجهات ، فلما أصبح قال : أبشروا فقد جاء عبد الله ، فإني رأيت البارحة من حفظني هذا البيت وهو :
فألقت عصاها واستقر بها النوى |
|
كما قر عينا بالإياب المسافر |
أقول : وهذا البيت قاله الخليفة المنصور العباسي لما قتل أبا مسلم الخراساني فقيل له : هذا أول يوم من خلافتك ، فقال : فألقت عصاها ... إلخ. كذا في تاريخ ابن خلكان (١).
وفي أيامه جدد الحجر ـ بكسر الحاء ـ وعمّر الحرم الشريف ومقامات الأولياء والمساجد ، وكان مشهورا بالولاية ، ولم يزل كذلك حتى طلبه مولانا السلطان عبد المجيد خان سنة [سبع](٢) وستين إلى الآستانة العلية ليتحفه بأفخم التحف ، فأجاب إلى ذلك ، وكان ذلك في رجب ، فتوجه هو ونجله سيدنا الشريف عبد الله ، فلما وصلا صافح صاحب الترجمة مولانا السلطان وأقام بإقباله ، وولى إمارة مكة سيدنا الشريف عبد المطلب بن سيدنا الشريف غالب ، وكان وصوله مكة في ذي القعدة من السنة المذكورة وصحبته طوق من الذهب لوضعه على الحجر الأسود من طرق السلطنة ، فركب الطوق على الحجر ، وأمرت الدولة العلية صاحب الترجمة ببناء قلاع بين مكة والمدينة ، فبنى [أربع](٣) قلاع بالحربية : قلعة ببدر (٤) ، وقلعة
__________________
(١) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان لابن خلكان (٢ / ٣٣٠).
(٢) في الأصل : سبعة.
(٣) في الأصل : أربعة.
(٤) بدر : قرية عامرة من قرى الحجاز بأسفل وادي الصفراء ، على (١٥٥) كيلا من المدينة جنوبا غربيا ، عليها اليوم الطريق العامة إلى مكة وهي منها على (٣٠٥) أكيال. غزاها الشريف عبد المطلب بن غالب أمير مكة سنة ١٢٦٨ ه ، وبنى بها قلعة ، وكانت إمرة البلد قبل الحكم السعودي عند الشريف ابن نامي ولا زالت ذريته هناك (معجم معالم