وحبيبا ، والإدّ : الشيء المنكر لأنهم قالوا : عبد ود ، وقالوا : وددت الرجل أودّه ودّا وودادا وودادة ، فأكثر القراء وهم أبو عمرو وابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم ويعقوب الحضرمي فإنهم قرأوا ودّا بالفتح وتفرّد نافع بالضم : وهو صنم كان لقوم نوح ، عليه السّلام ، وكان لقريش أيضا صنم اسمه ودّ ويقولون أدّ أيضا ، قال ابن حبيب : ودّ كان لبني وبرة وكان بدومة الجندل وكانت سدانته لبني الفرافصة ابن الأحوص الكلبيين ، قال الشاعر :
حيّاك ودّ وإنّا لا يحلّ له |
|
لهو النساء وإن الدين قد عزما |
قال أبو المنذر هشام بن محمد : كان ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر أصنام قوم نوح وقوم إدريس ، عليهما السلام ، وانتقلت إلى عمرو بن لحيّ ، كما نذكره هنا ، قال : أخبرني أبي عن أول عبادة الأصنام أن آدم ، عليه السّلام ، لما مات جعله بنو شيث بن آدم في مغارة في الجبل الذي أهبط عليه بأرض الهند ويقال للجبل نوذ وهو أخصب جبل في الأرض ، يقال : أمرع من نوذ وأجدب من برهوت ، وبرهوت : واد بحضرموت ، قال : فكان بنو شيث يأتون جسد آدم في المغارة ويعظمونه ويرحّمون عليه ، فقال رجل من بني قابيل بن آدم : يا بني قابيل إن لبني شيث دوارا يدورون حوله ويعظمونه وليس لكم شيء ، فنحت لهم صنما فكان أول من عمله ، وكان ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر قوما صالحين ماتوا في شهر فجزع عليهم أقاربهم فقال رجل من بني قابيل : يا قوم هل لكم أن أعمل لكم خمسة أصنام على صورهم غير أني لا أقدر أن أجعل فيها أرواحا؟ قالوا : نعم ، فنحت لهم خمسة أصنام على صورهم فنصبها لهم فكان الرجل يأتي أخاه وعمه وابن عمه فيعظمه ويسعى حوله حتى ذهب ذلك القرن الأول وكانت عملت على عهد يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوس بن شيث بن آدم ، ثم جاء قرن آخر يعظمونهم أشدّ تعظيما من القرن الأول ، ثم جاء من بعدهم القرن الثالث فقالوا : ما عظّم أوّلونا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم عند الله ، فعبدوهم وعظم أمرهم واشتدّ كفرهم ، فبعث الله إليهم إدريس ، عليه السّلام ، وهو أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان نبيّا فنهاهم عن عبادتها ودعاهم إلى عبادة الله تعالى ، فكذّبوه ، فرفعه الله مكانا عليّا ولم يزل أمرهم يشتدّ فيها ، قال ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : حتى أدرك نوح بن لمك بن متوشلخ ابن أخنوخ فبعثه الله نبيّا وهو يومئذ ابن أربعمائة سنة وثمانين سنة فدعاهم إلى الله تعالى في نبوّته مائة وعشرين سنة فعصوه وكذبوه ، فأمره الله تعالى أن يصنع الفلك ففرغ منها وركبها وهو ابن ستمائة سنة وغرق من غرق ومكث بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين سنة فعلا الطوفان وطبّق الأرض كلها وكان بين آدم ونوح ألفا سنة ومائتا سنة فأهبط ماء الطوفان هذه الأصنام من جبل نوذ إلى الأرض وجعل الماء بشدة جريه وعبابه ينقلها من أرض إلى أرض حتى قذفها إلى أرض جدّة ثم نضب الماء وبقيت على شطّ جدّة : فسفت الريح عليها التراب حتى وارتها ، قال هشام : إذا كان الصنم معمولا من خشب أو فضة أو ذهب على صورة إنسان فهو صنم وإن كان من حجارة فهو وثن ، قال هشام : وكان عمرو بن لحيّ وهو ربيعة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مازن بن الأزد وهو أخو خزاعة وأمّه فهيرة بنت الحارث بن مضاض الجرهمي كان قد غلب على مكة وأخرج منها جرهما وتولى سدانتها وكان كاهنا وكان له مولى من الجنّ يكنى أبا ثمامة فقال : عجّل المسير