شيئا تعيره به إلا خؤولتي فقبح الله شرّكما خالا! فقال صخر بن الجهم العدوي وأمه قرشية : آمين يا أمير المؤمنين قبح الله شرّ كما خالا ، وأنا معكما ، فقال عمر : إنك لأعرابيّ جلف جاف ، أما لو تقدمت إليك لأدّبتك ، والله لا أراك تقرأ من كتاب الله شيئا! فقال : بلى إني لأقرأه ، قال : فاقرأ : إذا زلزلت الأرض زلزالها ، حتى تبلغ إلى آخرها ، فقرأ : فمن يعمل مثقال ذرّة شرّا يره ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، فقال له عمر : ألم أقل لك إنك لا تحسن أن تقرأ لأن الله تعالى قدم الخير وأنت قدمت الشرّ ، فقال عقيل :
خذا أنف هرشى أو قفاها فإنما |
|
كلا جانبي هرشى لهن طريق |
فجعل القوم يضحكون من عجرفته ، وقيل إن هذا الخبر كان بين يعقوب بن سلمة وهو ابن بنت لعقيل وبين عمر بن عبد العزيز ، وإنه قال لعمر : بلى والله إني لقارئ لآية وآيات ، وقرأ : إنّا بعثنا نوحا إلى قومه ، فقال عمر : قد أعلمتك أنك لا تحسن ، ليس هكذا ، قال : فكيف؟ فقال : إنّا أرسلنا نوحا إلى قومه ، فقال : ما الفرق بين أرسلنا وبعثنا؟
خذا أنف هرشى أو قفاها فإنما |
|
كلا جانبي هرشى لهن طريق |
وقال عرّام : هرشى هضبة ململمة لا تنبت شيئا وهي على ملتقى طريق الشام وطريق المدينة إلى مكة وهي في أرض مستوية ، وأسفل منها ودّان على ميلين مما يلي مغيب الشمس يقطعها المصعدون من حجّاج المدينة ينصبّون منها منصرفين إلى مكة ، ويتصل بها مما يلي مغيب الشمس خبث رمل في وسط هذا الخبت جبيل أسود شديد السواد صغير يقال له طفيل.
هِرَقْلَةُ : بالكسر ثم الفتح : مدينة ببلاد الروم سمّيت بهرقلة بنت الروم بن اليفز بن سام بن نوح ، عليه السّلام ، وكان الرشيد غزاها بنفسه ثم افتتحها عنوة بعد حصار وحرب شديد ورمي بالنار والنفط حتى غلب أهلها ، فلذلك قال المكيّ الشاعر :
هوت هرقلة لما أن رأت عجبا |
|
جوّ السّما ترتمي بالنفظ والنار |
كأنّ نيراننا في جنب قلعتهم |
|
مصبّغات على أرسان قصّار |
ثم قدم الرّقّة في شهر رمضان ، فلمّا عيّد جلس للشعراء فدخلوا عليه وفيهم أشجع السّلمي فبدر فأنشد :
لا زلت تنشر أعيادا وتطويها ، |
|
تمضي لها بك أيّام وتمضيها |
ولا تقضّت بك الدنيا ولا برحت |
|
يطوي بك الدهر أياما وتطويها |
ليهنك الفتح والأيّام مقبلة |
|
إليك بالنصر معقودا نواصيها |
أمست هرقلة تهوي من جوانبها ، |
|
وناصر الله والإسلام يرميها |
ملكتها وقتلت الناكثين بها |
|
بنصر من يملك الدنيا وما فيها |
ما روعي الدين والدنيا على قدم |
|
بمثل هارون راعيه وراعيها |
فأمر له بعشرة آلاف دينار وقال : لا ينشدني أحد بعده بشيء ، فقال أشجع : والله لأمره ألّا ينشده أحد من بعدي أحبّ إليّ من صلته! وكان في السبي