ثمّ لو قدّرنا صحّة عقد البيعة ، فقد بدت منه بوادٍ كلّها توجب فسخ العقد ، ولا يميل إلى ذلك إلّاكلُّ جاهل عامّيّ المذهب يظنّ أنّه يغيظ بذلك الرافضة.
وأنا أقول : الذي يغلب على ظنّي أنّ الخبيث لم يكن مصدّقاً برسالة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأنّ مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالى وأهل حرم نبيّه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيّبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات ، وما صدر منه من المخازي ، ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر.
ولا أظنّ أنّ أمره كان خافياً على أجلّة المسلمين إذ ذاك ، ولكن كانوا مغلوبين مقهورين ، لم يسعهم إلّاالصبر ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.
ولو سُلّم أنّ الخبيث كان مسلماً ، فهو مسلمٌ جمعَ من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان.
وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ولو لم يتصوّر أن يكون له مثلٌ من الفاسقين.
والظاهر أنّه لم يتب ، واحتمال توبته أضعف من إيمانه ، ويُلحق به ابن زياد وابن سعد وجماعة ؛ فلعنة الله عزوجل عليهم أجمعين ، وعلى أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ، ومن مال إليهم إلى يوم الدين ، ما دمعت عين على أبي عبد الله الحسين.
ويعجبني قول شاعر العصر ، ذي الفضل الجلي ، عبد الباقي أفندي العمري الموصلي ، وقد سُئل عن لعن يزيد اللعين :
يزيد على لعني عريض جنابه |
|
فأغدو به طول المدى ألعن اللعنا |