يعتزل عمله ، ويخبره أنّه قد ولّى المدينة سعيد بن العاص (١).
ثمّ إنّ مروان أقبل في وفدٍ كثيرٍ من قومه حتّى نزل دمشق ، ودخل على معاوية ، وجعل يخطب بين يديه إلى أن قال :
«وأيم الله ، لولا عهود مؤكّدة ومواثيق معقّدة ، لأقمت أود وليّها ، فأقم الأمر يا ابن أبي سفيان ، وأهدئ من تأميرك الصبيان ، واعلم أنّ لك في قومك نظراً ، وأنّ لهم على مناوأتك وزراً».
فغضب معاوية من كلام مروان غضباً شديداً ، ثمّ كظم غيظه ، وأخذ بيده وتكلّم معه ، ورحّب به وطيّب خاطره ، ووعده بالأموال له ولأهل بيته (٢).
٣ ـ بذل الأموال
ومن جملة أساليبه للعهد ليزيد : بذل الأموال على الوفود إليه والشخصيّات في الحجاز وغيرها ، فقد ذكروا أنّه أشار على المغيرة بن شعبة أن يوفد إليه وفداً من الكوفة يطالبونه بالعهد ليزيد والبيعة معه ، فأرسل أربعين رجلاً من وجوه الكوفة ، وأمَّر عليهم ابنه عروة بن المغيرة ، فدخلوا على معاوية فقاموا خطباء ، فذكروا أنّه إنّما أشخصهم إليه النظر لأُمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالوا : يا أمير المؤمنين! كبرت سنّك وتخوّفنا الانتشار من بعدك ؛ يا أمير المؤمنين ، أَعْلِمْ لنا علماً وحُدَّ لنا حدّاً ننتهي إليه.
__________________
(١) عزله سنة ٥٨ ه ؛ وفي تاريخ الطبري ٣ / ٥٨ أنّه لمّا عزل مروان عن المدينة ولّى عليها الوليد بن عتبة بن أبي سفيان
(٢) انظر : الإمامة والسياسة : ١٩٧ ـ ١٩٩ ، مروج الذهب ٣ / ٢٨ ـ ٢٩