«(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ) (١) ، أي بأيّ نوع من الإيذاء كان ، وفي صيغة الاستقبال المشعرة بترتّب الوعيد على الاستمرار على ما هم عليه إشعارٌ بقبول توبتهم.
(لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ، أي بسبب ذلك ، كما ينبئ عنه بناء الحكم على الموصول ، وجملة الموصول وخبره مسوق من قبله عزوجل على نهج الوعيد ، غير داخل تحت الخطاب.
وفي تكرير الإسناد ، بإثبات العذاب الأليم لهم ، ثمّ جعل الجملة خبراً ، ما لا يخفى من المبالغة ، وإيراده عليه الصلاة والسلام بعنوان الرسالة مع الإضافة إلى الاسم الجليل لغاية التعظيم والتنبيه ، على أنّ أذيّته عليه الصلاة والسلام راجعة إلى جنابه عزوجل ، موجبة لكمال السخط والغضب منه سبحانه.
وذكر بعضهم أنّ الإيذاء لا يختصّ بحال حياته صلىاللهعليهوسلم ، بل يكون بعد وفاته صلىاللهعليهوسلم أيضاً ، وعدّوا من ذلك التكلّم في أبويه صلىاللهعليهوسلم بما لا يليق ، وكذا إيذاء أهل بيته رضي الله تعالى عنهم ، كإيذاء يزيد عليه ما يستحقّ لهم ، وليس بالبعيد» (٢).
وقال :
«و (الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ) (٣) أبلغ من (عدوّك) ؛ ولذا اختير عليه مع اختصاره ، والآية قيل : نزلت في أبي سفيان ابن حرب ، كان عدوّاً مبيناً لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فصار عند أهل السُنّة وليّاً مصافياً ،
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٦١
(٢) روح المعاني ١٠ / ١٨٥
(٣) سورة فصّلت ٤١ : ٣٤